رواية الأفاعي | رماد لندن البارد

الأفاعي

بقلم,

مافيا

مجانا

عايشة في لندن وبتتعذب كل يوم على إيد أبوها ومرات أبوها القاسية. هي مش بتقدر تهرب منهم لأنهم بيبسطوا لما يسمعوا صرخاتها وبيمنعوها من إنها تمشي، وده بيخلي حياتها كابوس حقيقي. رغم كل الوجع ده، سكايلر بتشتغل في كافيه صغير وبتحاول تكمل حياتها، وبتلاقي دعم بسيط عند مديرة الكافيه وزوجها اللي بيعاملوها كأنها بنتهم. الرواية بتورينا قسوة العنف المنزلي وصراع البطلة إنها تعيش وتحافظ على أي لمسة حنان في وسط عالم خطر ومسيطر عليه عصابة اسمها "الأفاعي".

سكايلر

عندها 20 سنة، بتتعرض لتعذيب جسدي ونفسي مستمر من أهلها. شخصيتها مطيعة خوفاً من العواقب، بس جواها بتحاول تلاقي أي طريقة تهرب بيها وتعيش بسلام.

جيك

والد سكايلر، هو اللي بيضربها وبيعذبها. شخصية قاسية ومش بتراعي بنتها خالص.

سارة ومايك

أصحاب كافيه "ساندي"، بيحبوا سكايلر جداً وبيعاملونها زي بنتهم وبيخافوا عليها، وهما مصدر الأمان الوحيد ليها.
رواية الأفاعي | تحت رماد لندن البارد
صورة الكاتب

الفصل الأول من وجهة نظر سكايلر

أهلاً، اسمي سكايلر رودريجيز، وعندي 20 سنة. شعري أسود طويل ومموج وواصل لحد مؤخرتي وعيني لونها بني فاتح. أنا عمري ما بعمل مشاكل، دايماً بعمل اللي بيقولولي عليه، وإلا بيكون فيه عقاب. أبويا، جيك رودريجيز، ومرات أبوي، بروك شون، بيضربوني.

ما بقدرش أطلع من البيت ده غير لما يكونوا مديني "عين زرقا" (كدمة حول العين). أنا عارفة إنكم كلكم بتفكروا إني ممكن أسيب المكان ده وأمشي. بس أنا ما بأقدرش، هما مش هيسمحوا لي، زي ما قالوا بالظبط وأنا بأقتبس كلامهم: "إحنا بنحب نعذبك ونسمع صرختك من الوجع، الفُرجة هتروح فين لو مشيتي".

بأحاول أهرب، بس هما دايماً بيمسكوني ويضربوني 10 مرات أقوى. على أي حال، أنا عايشة في لندن والجو هنا مش وحش أوي، النهاردة الدنيا بتشتّي. آآآه، أنا بأكره المطر.

غير الجو، لندن مكان خطر جداً إن الواحد يعيش فيه، بسبب العصابة القوية والمخيفة اللي اسمها "الأفاعي"، هما اللي مسيطرين على لندن.

زعيم العصابة دي اسمه سيباستيان نايت، بأسمع عنه إشاعات كتير مش كويسة خالص، صدقوني.

دلوقتي أنا في أوضتي، بس الصراحة مش فاكرة إن دي أوضة نوم، عشان في الركن اليمين فيه مرتبة عليها تراب وقرب الباب فيه دولاب شكله قذر. كمان، فيه شباك متكسر، بتبقى الدنيا ساقعة جداً بالليل وما عنديش بطانية أتدفّا بيها. زي ما أهلي بيقولوا: "المسحات القذرة زيك مش محتاجين تدفية".

أنا دلوقتي بألبس بلوفر رمادي واسع وبنطلون جينز أزرق مقطع. بعد كده، جبت شنطة صغيرة فيها شوية مكياج. أنا فعلاً ما بأحبش أحط مكياج بس محتاجة أغطي الكدمات اللي على وشي ورقبتي. سرحت شعري وسبته مفرود.

لمّا خلصت، نزلت السلالم بالراحة خالص، وأنا متأكدة إني مش هأصحّي أهلي. بس القدر ودّاني في طريق تاني.

شفت أبويا في المطبخ بيقرأ الجرنال وفي إيده الشمال إزازة بيرة. يا لهوي! دي أكيد مش حاجة كويسة. مشيت للمطبخ وأنا موطية راسي، عشان خايفة لو بصيت فوق أبويا هيبدأ يضربني ويقعد يديني محاضرة عن إزاي أكون مطيعة.

وأنا ماشية رايحة للتلّاجة، خبطت كتفه بالغلط، وكل المشروب وقع على الجرنال اللي كان بيقرأه. يا نهار إسود.

"إيه القرف ده!" أبويا زعق، ولف ناحيتي "مش شايفة أنتِ ماشية فين يا بنت الـح"!

اللي حصل بعد كده إني حسيت بلسعة مولعة على خدي الشمال، وعرفت إنه ضربني بالقلم.

غطيّت خدّي بإيدي الشمال ووشوشت، أو بالأصح تلعثمت: "أأأنا متتتتأسفة ما ما كانش قصدي..."

ما عرفتش أكمل كلامي عشان ضربني بالبوني (اللكمة) في بطني. صرخت من الوجع ووقعت على الأرض.

بدأ يشوطني كذا مرة ورا بعض، وأنا حميت بطني بإيدي، ودموعي كانت نازلة على وشي. زعقت له عشان يبطّل بس ما سمعش، كان بيشوطني أقوى.

أبويا اللي بيقولوا عليه أب ده ركع جنبي مسح دموعي من على وشي وقال: "تستاهلي يا ..."، ومشي عشان يروح الشغل.





بعد حوالي 15 دقيقة بصّيت في الساعة لقيتها 8:25 الصبح، شتمت في سري عشان اتأخرت على الشغل. كافيه "ساندي" بيفتح الساعة 8:15 الصبح وأنا بأخد 10 دقايق عشان أوصل هناك. قمت، بس فوراً قعدت تاني، جسمي كله كان زي ما يكون فيه نار.

قُمت بالراحة وأنا بأحاول على قد ما أقدر أتجاهل الوجع اللي في بطني من تحت، ومشيت بأعرُج ناحية أوضة المعيشة. بصيت على نفسي في المراية واتكسفت من شكلي، وشي كان أحمر وعيني كانت وارمة.

ظبطّت نفسي قدام المراية وخدت مسكّنات للألم والآي-بود بتاعي وخرجت بسرعة من البيت قبل ما مرات أبوي اللطيفة خالص دي (لاحظوا السخرية) تصحى.

لبست سمّاعات الأذن وبقيت أسمع أغنية "بريث مي" لـ سيا، أنا بأحب الأغنية دي جداً. بعد حوالي 10 دقايق وصلت للمكان اللي أنا رايحاه، زقيت الباب وهو اتفتح والجرس رنّ معناه إن فيه حد دخل. أول ما دخلت، واحدة حضنتني جامد، فـ أنا همست من الوجع وسارة سابتني.

لو بتسألوا مين سارة دي، فهي صاحبة كافيه "ساندي". هي بتعاملني زي بنتها، بأحكي لها على كل حاجة، بما فيهم الضرب اللي بأتعرّض له. سارة مش بتخلف وأنا فضلت ساندة معاها طول الوقت هي وجوزها اللطيف مايك. هو ما اهتمش لو معندوش ولاد طول ما سارة جنبه. مايك كمان بيعاملني زي بنته.

"آه أنا آسفة جداً، أنا بس كنت قلقانة عليكي و..." قبل ما سارة تكمل كلامها، لاحظت الكدمات اللي على وشي. شهقت، "يا إلهي..." حطت إيدها بالراحة على خدّي وشفت دموعها اللي كانت خلاص هتنزل.

مسكت إيديها بالراحة ومشينا ناحية المطبخ، أول ما وصلنا هناك، سابت دموعها تنزل. حضنتها ووشوشتها: "سارة، أرجوكي ما تعيطيش... ده بيوجعني أوي... خلاص، مفيش حاجة، هو بس... ضربني قلم وركلني في بطني... خلاص، إششش... ما تعيطيش أرجوكي."

بعد كذا دقيقة من حضني ليها وأنا بأوشوشها كلام حلو في ودنها، بطلت عياط وسيبتها. سارة قالت: "أنا مش عايزة أشوفك موجوعة... أوعديني يا سكايلر لو عملوا كده تاني... هتتصلي بالشرطة... أوعديني يا سكايلر."

أنا ما أقدرش أتصل بالشرطة عشان أهلي هيعرفوا وهتبقى مصيبة سودة. فـ أنا كذبت وهزيت راسي بالموافقة ورديت: "أنا أوعدك، يلا بينا دلوقتي نبيع شوية أكل" ونطّيت لفوق ولتحت، وأنا متجاهلة الوجع اللي في بطني. سارة ضحكت بس على تصرفي الطفولي ده.

على أي حال، بدأت الشغل، بس قبل ما أعمل كده اتأكدت إني حطيت شوية "فاونديشن" (كريم أساس) عشان أغطي الكدمات، أنا بجد مش عايزة الناس تاخد بالها وتديني نظرات تعاطف.

سارة ندهت: "سكايلر يا حبيبتي ممكن تروحي على ترابيزة رقم 3 وتسأليهم عايزين إيه لو سمحتي."

قلت: "حاضر يا مدام" وضربت تحية زي العساكر، سارة بس ضحكت ضحكة خفيفة بس أنا كمان ما قدرتش أمسك نفسي من الضحك.

مشيت لحد ترابيزة رقم 3، كانت عيلة، معاهم بنت شكلها عندها حوالي 5 سنين و3 صبيان شكلهم عندهم 11، و17، و19 سنة. كلهم كانوا بيضحكوا على حاجة البنت الصغيرة عملتها. أنا بس ابتسمت وتمنيت يكون عندي عيلة زي دي. لاحظت إني فضلت باصة عليهم فترة طويلة.

نخّرت عشان ألفت انتباههم وهما بصّوا لي، ابتسمت وقلت: "أهلاً، أنا سكايلر وهكون الـ 'ويتر' (النادلة) بتاعتكم النهارده، تحبوا تاكلوا إيه."

فجأة البنت الصغيرة نزلت من كرسيها وجريت ناحيتي وحضنت رجلي، وقالتلي: "أنتِ جميلة". ما قدرتش ما أضحكش، شلتها وحطيتها على وسطي. "شكراً يا جميلة"، هي ضحكت ضحكة خفيفة، "اسمك إيه؟" ردت: "صوفيا".

"أهلاً يا صوفي، أنتِ كده عسل صغير مش كده،" هي ضحكت وأنا كمان ضحكت. أهلها كانوا باصين لبنتهم ومصدومين من رد فعلي أنا كمان؟

أم صوفي قالت: "يا إلهي... أنا آسفة جداً هي..." أنا وقفتها من الكلام وحطيت إيدي على كتفها وأنا بأطمنها إن الموضوع عادي.

أبوها اتكلم: "آسفين على كده إحنا بس... مصدومين من رد فعلك." أنا اتلخبطت وسألت بأدب: "قصدكم إيه؟"

"هو بس إن كل ما نروح كافيهات أو مطاعم، صوفي بتحب تحضن ناس عشوائية وخصوصاً النُدُل... بس... هما بيتجاهلوها وبيزقوها بعيد... بس اللي أنتِ عملتيه... كان عكس كده بالظبط."

ابتسامتي اتحولت لكشرة، لفيت ناحية البنت الصغيرة وبستها من خدها، "أنا عمري ما أعمل كده في الأطفال، أنا بأحبهم زيادة عن اللزوم." عيلة صوفي بس ابتسموا لي، أنا رجعت صوفي لأبوها بس هي ما رضيتش تسيبني. ضحكت ووشوشت في ودنها: "تحبي تاخدي ميلك شيك فراولة؟"

صرخت: "أيوووووووة أرجووووكي" ابتسمت وسلّمتها لأبوها. خدت طلباتهم وجبت لهم ميلك شيك ببلاش. كانوا هيحاسبوا بس أنا أقنعتهم إن الموضوع عادي. بعد كده رجعت لشغلي.


تعليقات