براءة مُهشّمة | حياة فتاه مع قسوه الأهل

براءة مُهشّمة

بقلم,

اجتماعية

مجانا

حياتها عبارة عن جحيم بجد بسبب أهلها اللي بيعاملوها بمنتهى القسوة والضرب طول الوقت. بتبدأ يومها وهي جسمها متكسر وبتحاول تهرب منهم، لغاية ما بتكتشف إنهم ماتوا فجأة في حادثة إطلاق نار. الخبر ده بيخليها في حيرة بين إنها مبسوطة إنها ارتاحت منهم وبين إنها وحيدة وما لهاش أي حد. القصة بتتنقل ما بين قسوة حياتها في البيت ومحاولتها تدافع عن نفسها في المدرسة ضد المتنمرين.

ڤايوليت

بتعاني من عنف جسدي ونفسي فظيع من أهلها. بتحاول تبقى قوية وتدافع عن نفسها في المدرسة رغم الوجع اللي بتعيشه كل يوم.

الأم والأب

الأهل القساة لڤايوليت، بيعاملوها أسوأ معاملة، وبيضربوها باستمرار وحارميينها من أبسط حقوقها زي المية السخنة.

كريس

ناظر المدرسة، الوحيد اللي قريب من ڤايوليت ويعتبر شبه صديق أو أب بالنسبة لها، وهو اللي بيبلغها بالخبر الصادم.
براءة مُهشّمة | حياة فتاه مع قسوه الأهل
صورة الكاتب

ڤايوليت:

أول حاجة بحس بيها لما بصحى هي جسمي اللي وجعني من أمي وأبويا الغاليين. هما بجد بهدلوني، أنا متأكدة إن عندي تلات ضلوع مكسورة وجسمي كله كدمات.

بسرعة بطفي منبه الساعة 5 الصبح قبل ما واحد من الوحوش "اللي هما أهلي" يسمع ويصحى. بقوم بالراحة من سريري اللي هو عبارة عن بطانية صغيرة ومخدة قديمة أوي على الأرض الساقعة الناشفة بتاعة البدروم، بروح ناحية كومة الهدوم الصغيرة اللي على الأرض وباخد بنطلون جينز وقميص وجاكت وكمان كام قطعة هدوم داخلية وبجري على سلم البدروم اللي بيزيق عشان أطلع البيت، وبعدين بجري على سلم تاني عشان أوصل للحمام اللي فوق.

بحاول على قد ما أقدر إني أكون هادية وأنا بتحرك في البيت لأني عارفة إن لو صحيت الوحوش دول بأي شكل، هاخد علقة تانية ومش فاكرة جسمي يستحمل أكتر من واحدة في اليوم دلوقتي. بعد ما وصلت للحمام بنجاح، ببعد عن المراية وبقلع هدومي قبل ما أدخل الدش اللي مايته تلج، الوحوش دول بيقولوا إن واحدة ما تسواش، وبت زيي قبيحة ما ينفعش تاخد مية سخنة عشان كده بيطفوها.

بعد ما بقف تحت الدش وبحاول أشيل أكبر كمية دم ممكنة، بطلع وبنشف نفسي، وبعدين بلبس هدومي، وبسرح شعري وبتأكد إن كل الكدمات متغطية بالمكياج وبنزل بسرعة تحت عشان أنضف كل قزايز البيرة وأعقاب السجاير من على ترابيزة القهوة المكسورة. ودي حاجة مالهاش لازمة بصراحة لأن البيت لسة ريحته مخدرات وكحول مع ريحة دم خفيفة، وأيوة ده دمي أنا. الحاجة اللي المفروض أعملها قبل ما يصحوا هي إني أعمل لهم فطار، هما ناس كبيرة ومحتاجة إيه، طب إزاي بنتهم اللي عندها 15 سنة هي اللي بتعمل لهم أكل. بعمل لهم فطار بسيط – صباعين سوسيس وبيض مخفوق لكل واحد.

وأنا لسة بحط الأكل في الأطباق وبحطهم على الرخامة، بسمعهم وهما ماشيين قريب من المطبخ، ببص في الساعة وبلاقي إني المفروض أكون طلعت من الباب دلوقتي. بجري بسرعة ناحية الشنطة بتاعتي اللي ساندة على الحيطة، بحاول أمسك شنطتي وأمشي بس بيتشد شعري لورا وبتخبط جامد في الأرض.

"إيه اللي بتعمليه ده؟" أمي العزيزة بتصوت في وشي، ما بردش عشان دي واحدة من القواعد – ما تتكلميش غير لما حد يكلمك، أو في حالتي، الأحسن ما تتكلميش خالص.

ده تقريباً خلا أهلي العظماء يتعصبوا أكتر لأن فجأة، راسي بتتخبط في الأرض تاني وبتجيلّي ركلات في ضلوعي وبطني، بحاول ما اطلعش أي صوت بس بطريقة ما كل ضربة بتيجي على ضلوعي وبطني بتكون على كدمة، وده بيخلي الموضوع أصعب بكتير وكل ما يضربوني بطلع آهة خفيفة.

"أمك سألتك سؤال" أبويا بيزعق. بقرر يمكن لازم أتكلم، فبحاول أطلع كلام بسرعة ما يخليهمش يتعصبوا أكتر.

"كنت بس همشي عشان المدرسة" بقولها ببراءة وتوسل على قد ما أقدر. شكلهم غضبانين بس برضه عايزين أكون بعيدة عنهم، فيا رب يسيبوني أمشي.

"طب يالا اتحركي يا سافلة وروحي، مش عايزين مكالمة تانية من الناظر مش كده؟" الأم بتقول بنبرة يا سلام إحنا حنينين ومهتمين أوي. خد بالك من التهكم.

بهز راسي، وبقوم بسرعة عشان أقف بس بتتشد جامد تاني لورا بسبب ركلة في ضهري. ببص ورايا بلاقي أبويا واقف وبيبتسملي باستهزاء وهو باصص لي من فوق لتحت.

عارفة إيه اللي هيحصل بعد كده من كتر الخبرات اللي فاتت، بتكعور على نفسي وبحاول أروح مكان تاني في دماغي، وبستعد إني أتوجع أكتر.

ده ما بيوقفش أي حاجة خالص، لسة بحس بكل مرة بيضربني فيها، لسة بسمع كل كلام مهين بيقوله بين الركلات دي. لسة بطريقة ما بعد كام ركلة باخدها وفين بالظبط عشان أقدر أشوف فيه دم ولا لأ بعد كده، ودي حاجة اتعلمت أعملها وأنا بكبر.

بعد عشرين ركلة زيادة في ضهري، بيسيبني على الأرض، إحنا الاتنين بننهج. ما بضيعش ثانية وبطلع من البيت، بتجاهل كل الوجع اللي أنا متعودة أحس بيه. بمسك شنطتي اللي لسة ساندة على الحيطة ما حدش لمسها وببدأ المشي اللي هياخد 20 دقيقة لجهنمي التاني، اللي هو المدرسة الثانوية.




-----


وصلت أخيرًا للمدرسة، وشايفة كام مراهق بره بيتكلموا مع أصحابهم أو مستنيينهم ييجوا المدرسة، كل واحد معاه شخص واحد على الأقل. أنا بقى بحاول أندمج وأشد الكاب بتاعي أكتر عشان يغطي وشي ورقبتي، ورايحة على الدولاب بتاعي من غير ما أخبط في حد من اللي بيتنمروا عليا، ودول تقريباً معظم الناس المشهورة.

بعد ما وصلت لدولابي بنجاح، بحاول أفتحه، بس جسمي كله بيتزق فيه. بحس إن الناس في الطرقة بتبص ناحيتي وبعدين بسمع الصوت اللي دايماً بيعمل يومي. (خد بالك من التهكم).

"شوفوا مين هنا، الآنسة الصغيرة الخاسرة اللي ما ليهاش بيت!" بريتاني – الساقطة بتاعة المدرسة – بتقول كده في الوقت اللي التلاتة اللي بيمشوا وراها بيبدأوا يضحكوا، أنا بسكت، أنا عادة ما بتكلمش لحد ما هي تعمل حاجة وحشة بجد، وكمان بيكون ممتع لما تتعصب أوي إني ما بردش زي أي حد تاني بيكلمها.

"اتكلمي معايا يا حقيرة يا سافلة!" بريتاني بتزعق، وبتحاول تضربني، بمسك إيديها وبزقها لورا شوية، بعدها بتحاول تضربني بونية بس قبل ما تقدر، بكون أنا موقعاها على الأرض وبضربها بونيتين جامدين، واحدة في مناخيرها والتانية في عينيها.

يا دوب ضربتها للمرة التانية، الجرس بيرن عشان يدي إشارة للحصة الأولى، بقوم وبجيب كتبي بسرعة من دولابي وبروح على أول حصة من غير ما أبص ورايا.

بقعد في مكاني ورا جنب الشباك، مش مركزة، شايفه إن الحصص دي مملة وسهلة أوي. في نص الحصة بريتاني والتلاتة اللي وراها بيدخلوا الفصل، بريتاني مناخيرها بتنزف ووشها فيه كدمة صغيرة جنب عينيها، وهي بتبص لي بنظرة موت، أنا ببتسم من جوايا لما بشوف الضرر اللي عملته فيها بضربتين بس.

بعد عشر دقايق في الحصة التانية، طلبوني لمكتب الناظر وده ما كانش مفاجأة باللي عملته في بريتاني، كنت مستنية إنه يطلبني عشان يعمل "دردشة" صغيرة عن اللوك الجديد بتاع بريتاني.

دخلت المكتب، باب الناظر كان مفتوح بالفعل، فدخلت على طول. أنا باجي هنا كتير بسبب إني برد على المدرسين أو بعمل حاجات زي اللي حصل لبريتاني، وده مش بيحصل كتير أوي، يمكن مرة كل أسبوعين.

وأنا داخلة شفت كريس أو الأستاذ مور قاعد على مكتبه، شكله حزين شوية وده لفت انتباهي فوراً. هو عادة بيكون شكله يا إما متضايق يا إما مبسوط، فده كان مختلف تماماً. ما شفتش ظابطين الشرطة اللي واقفين جنب الحيطة ولا الست اللي واقفة جنبهم. قعدت على الكرسي وبصيت لكريس شوية قبل ما أقرر أتكلم.

"لو الموضوع ده على وش بريتاني فمش غلطتي، بس هي تستاهل، أنا كنت بدافع عن نفسي، هي زقتني في دولاب وبعدين حاولت تضربني!" بقول الكلام ده وأنا بعمل حركات بسيطة بإيدي، كريس هو الشخص الوحيد اللي ممكن يكون قريب من صديق أو حتى بمثابة أب، أب أنا ما عرفتوش خالص بس يالا برضه يعتبر أب.

بيضحك ضحكة صغيرة وهو باصص لتحت تاني بعد ما بصلي، بيقول "لأ" بسرعة بعد كده وفجأة بيبقى جدي أكتر، بحاول أفتكر أي حاجة تانية عملتها عشان تخليه جدي كده بس ما بيجيش في بالي أي حاجة.

"إممم، ڤايوليت، أهلك، أهلك اتضربوا بالنار في الشارع في إطلاق نار وهم ماشيين بالعربية" كريس بيقولها وهو باين عليه الأسف أوي، بيبص لتحت شوية وبعدين بيبص لي وهو بيقولها. ودي عادة عصبية أنا لاحظتها عليه.

أنا قاعدة بس عشان أستوعب الكلام، بعد دقيقتين بالظبط الكلام استوعبته أخيراً ومش عارفة أحس بإيه، يعني المفروض أكون مبسوطة إنهم خلاص راحوا عشان كده مش هضطر أراعيهم، بس برضه مش هيكون عندي مكان أنام فيه، يعني ما ليش حد تاني، هما كانوا كل اللي عندي.

بعد ما قعدت كده في صمت لمدة خمس دقايق، كريس بيقول إن الظباط اللي ورايا هياخدوني البيت عشان أجيب كام حاجة وبعدين على القسم عشان يشوفوا لو عندي حد مستعد ياخدني.

بدل ما أقول أي حاجة بهز راسي بالراحة وأنا تايهة في أفكاري، ماشية ورا الظباط على عمايا ومش مركزة.


تعليقات