حبيب ثانوي - عشر سنوات من الحيرة واللقاء
حبيب ثانوي
بقلم,
رومانسية
مجانا
حبيبها أوستن سابها واختفى فجأة قبل تخرجهم بعشر سنين، وهي لحد دلوقتي ما نسيتوش. بعد كل السنين دي، بتتصدم وبتقابله تاني وش لوش في مؤتمر شغل برة بلدها، بس المره دي باسم "ويليام" وشكله متغير. قلبها بينبض تاني بقوة، بس هي مصممة تعرف سر اختفائه ومين هو ده بالظبط دلوقتي. هو بقى خايف عليها منه، وعارف إن وجوده خطر على حياتها، بس خلاص القدر جمعهم تاني في مكان واحد.
إيلي
عندها ٢٨ سنة، شغلها كويس بس مش شاطرة في العلاقات. قلبها لسه متعلق بأوستن ومصممة تعرف الحقيقة ورا اختفائه الغامض.أوستن
حبيب إيلي بتاع ثانوي اللي اختفى. عنده أسرار كتير، وشكله بقى "راجل" أكتر. بيحاول يبعد عنها عشان يحميها، بس ما قدرش ينساها.ليندا
زميلة إيلي في الشغل، اجتماعية ومرحة، بتحب المغازلة دايماً، وبتخلي المؤتمرات المملة مسلية
قبل تخرجها من ثانوي بأسبوع، باس حبيب إيلي "تصبحي على خير" ومشي، ومن وقتها محدش سمع عنه أي حاجة تاني. اختفى كأنه فص ملح وداب... لحد دلوقتي. إيلي، اللي عندها ٢٨ سنة، مش شاطرة أوي في العلاقات. بس عندها شغلانة كويسة، مكان حلو عايشة فيه، وقطة اسمها سلمى. كانت خلاص فقدت الأمل إنها تشوف أوستن تاني، بس عمرها ما نسيته. فتخيّلوا بقى مفاجأتها لما بتلاقيه قدامها وش لوش – في مؤتمر شغل برة بلدها – ولابس كارنيه مكتوب عليه "ويليام". بالرغم من إن قلبها اللي كان خامد نطّ من مكانه من الصدمة، وبالرغم من الانجذاب الفوري اللي بينهم، هي مصممة تفضل عاقلة ومتماسكة وتعرف مش بس ليه سابها، لأ، كمان مين هو ده بالظبط. ويليام عمره ما قدر ينسى حب حياته في ثانوي. مهما نقل من مكان، أو حاول يتغيّر، مفيش حد قدر ييجي جنبها أو يقارن بيها. كان متعود على حياته الوحدانية، ولما قابل إيلي تاني، اتصدم صدمة قوية. أدرك إنها مش بس هتبقى خطر على عقله، لأ، كمان على حياته. بس الأهم، إنه هو اللي هيبقى خطر عليها. هو عارف إنه لازم يحافظ على أمانها، وأحسن طريقة يعمل بيها ده هي إنه يفضل بعيد عنها أوي أوي. "يا سلام، فيه رجالة شكلها حلو كتير هنا بجد،" قالت ليندا وهي بتعلّق، وابتسمت بإعجاب وهي بتبص لراجل وسيم عدينا من جنبه وإحنا رايحين الترابيزة. "أنا حاسة إني ممكن أنبسط فعلاً في المؤتمر ده." ضحكت، عشان ده طبع ليندا بالظبط. إحنا مش شغالين مع بعض بقالنا كتير، أقل من سنة في الحقيقة، بس أنا خلاص عرفت إنها بتحب تلعب وتغازل واجتماعية أوي. إننا نحضر مؤتمرات ربع سنوية مملة ده جزء من شغلنا، بس ليندا في العادة بتخليهم أحلى بكتير. "زي ده كده،" قالت ليندا وشاورت بدماغها على راجل طويل وجسمه رياضي لابس بنطلون كاكي وقميص زرار. "أنا مش هيمانع أقضي شوية وقت معاه." "أمممم، معاكي حق،" وافقت. هو وسيم بالنوع اللي هو "أنا بروح الجيم وبشيل حاجات تقيلة أوي." بس مش النوع اللي يعجبني أوي بصراحة. "أو إيه رأيك في ده؟" سألت ومسكت دراعي، وهي بتشاور بإيدها التانية على مجموعة في آخر القاعة. "أنهي واحد؟" سألت، عشان كان فيه تلات رجالة هناك، والاتنين اللي كنت شايفاهم كويس معجبونيش برضه. الراجل التالت ده بقى، كان فيه أمل، بس أنا ما كنتش شايفاه غير من ضهره. كان طويل وجسمه رياضي وشعره الغامق قصير ومموج. لو مؤخرته دي بتدل على حاجة شكله من قدام، يبقى هو أكيد حاجة تستاهل الواحد يتفرج عليها. "اللي لابس قميص أزرق." يبقى هو ده الراجل بتاع المؤخرة الحلوة. بصيت عليه شوية كمان، بس هو مَا لفش، بالرغم من إني كنت عمالة أقول له في سري يلف. كان شكله بيسمع للست اللي في المجموعة دي وهي بتتكلم في أي حاجة. "أهلاً بيكم،" قالت ليندا، وأنا لفيت بصعوبة عشان أشوفها وهي بتسلّم على اتنين ستات كانوا قاعدين بالفعل على ترابيزة. "مساء الخير،" ردت واحدة فيهم، والتانية اكتفت بابتسامة مؤدبة. أنا هزيت راسي بسرعة بـ "أهلاً." "بقولك إيه،" كملت ليندا، ورجعت تركز معايا تاني، "ده هيبقى أحسن مؤتمر حضرناه لحد دلوقتي." "يارب تكوني صح." أنا كنت متأكدة إنهم مش ممكن يكونوا أكتر مللاً من آخر واحد حضرناه. ليندا رجعت لي وضحكت بـابتسامة واسعة. "جيري قال إن البار اللي ورا الركن هنا تحفة. لازم نروح بعد ما المؤتمر يخلص. يمكن كام واحد من الصاروخين اللي هنا ييجوا معانا." "تمام." جيري ده واحد من مندوبين المبيعات في المكتب عندنا. هو بيحب البيرة المعمولة يدوي أوي ويفضلها عن الأنواع المشهورة. رحت معاه كذا مرة لتجمعات بعد الشغل، والأماكن اللي بيختارها في العادة بتبقى ممتعة. "ساعات بيكون فيه فرقة محلية بتعزف، بس مش متأكدة لو ده بس في الويك إند ولا لأ. هنعرف بقى. و..." كنت بسمع ليندا بنص ودن وهي عمالة ترغي عن كل الضحك واللعب اللي هنعمله في المؤتمر اللي هيقعد تلات أيام ده، وأنا لسة عمالة أتفحص المكان. كنا في قاعة استقبال في فندق في وسط مدينة سانت لويس، والقاعة كانت مليانة زحمة - معظمهم ناس في سن متوسط وشغالين شغل كويس، بس فيه شوية صغيرين في السن زينا – كلهم لابسين لبس شغل مريح. مش إننا صغيرين أوي يعني. أنا لسة مكملة تمانية وعشرين وليندا قربت توصل للتلاتين. "فاكرة قد إيه كان المؤتمر بتاع فيجاس مُتعة؟" سألت ليندا أول ما وصلنا للترابيزة بتاعتنا وشدّينا الكراسي اللي ورا عشان نبقى وشنا للمسرح. أنا علّقت شنطتي على ظهر الكرسي، بينما ليندا حطت شنطتها على الترابيزة. وبعدين بدأت تزق قزايز المية، والمنشورات، والأقلام اللي كانت محطوطة بشكل مثالي قدام كل واحد من الكراسي العشرة، وترميهم على الجنب. الفوضى اللي عملتها دي ما ضايقتهاش خالص. كأنها ما خدتش بالها حتى، لكن أنا عشان بحب الترتيب، بدأت أعيد ترتيب المنشور والقلم اللي قدامها. "أنا ما كنتش موجودة في المؤتمر ده،" رديت عليها، وفي نفس اللحظة هي قالت لي: "سيبك بقى." ليندا مسكت إزازة المية وفكت الغطا. "آه." حواجبها المترتبة أوي كشرت لثواني. "كنت حَلْفَة إنك كنتي معانا." "لأ، أنا بدأت الشغل السنة اللي بعدها. أول مؤتمر حضرته لشركة بيولوچين كان في سياتل." كشرت وشها. "ده كان ممل. مطر كتير وناس بتقدم العروض دمها تقيل أوي." ضحكت تاني بخفة. عندها حق. كان ممل بشكل مش طبيعي، ومكنش فيه معلومات كتير. أنا كنت لسه بادئة في الشركة من شهر تقريباً وقتها، وفكرت لو كنت عملت الاختيار الصح بعد المؤتمر ده. أبويا شجعني إني أدي لنفسي وقت، وأنا مبسوطة إني عملت كده. مش إني مش بحب شغلي، ولا الشركة عمومًا. هي بس المؤتمرات اللي كانت مملة، مع إن آخر واحد حضرناه في أورلاندو كان مفيد أكتر ومريح شوية. "سمعت إن نائب رئيس المبيعات الجديد شاطر أوي،" قلت لها. "يا رب يكون كده. ده الموضوع بقى زي الباب الدوار. يا رب ده يعرف يستحمل الضغط من غير تغييرات كتير." أنا كنت واحدة من التغييرات اللي عملتها نائبة الرئيس اللي فاتت. هي اللي وظفتني أنا وكام واحد تاني كجزء من خطتها لتوسيع قسم المبيعات، بس ما تعبتش نفسي إني أقول المعلومة دي لليندا. هي عارفة أصلاً. سندت بضهري على الكرسي وبصيت على المسرح. كان متجهز عشان الخطاب الافتتاحي اللي رئيس الشركة هيقوله، وده هييجي بعديه رؤساء الأقسام، ومن ضمنهم نائب رئيس المبيعات الجديد. كنت عايزة أشوف هيقول إيه وإزاي تركيزه هيبقى مختلف عن اللي كنا بنعمله. بس في نفس الوقت، كنت تعبانة وعايزة الجلسة الافتتاحية دي كلها تخلص وبس. كانت الساعة أربعة العصر، واليوم كان طويل أصلاً. اشتغلت الصبح وبعدين سافرت من چورچيا لسانت لويس. مين ده اللي فكر إنها فكرة كويسة إننا نبدأ اليوم باجتماع متأخر كده أصلاً؟ "أهلاً يا ستات،" قال آدم، وهو مدير مبيعات من مكتبنا في چاكسونڤيل، فلوريدا، وهو بيشد الكرسي وقعد جنبي. "إزيك يا آدم، عامل إيه؟" سألته. اضطرينا نتعاون كذا مرة في الكام شهر اللي فاتوا وأنا بحبه. هو راجل في أواخر الخمسينات، فاهم شغله ومش بتاع لف ودوران، واستمتعت بالشغل معاه. "تمام. أنا مستني بفارغ الصبر ساعة الكوكتيلات اللي المفروض هتبدأ بعد..." وقف وبص على الساعة اللامعة اللي في إيده، "ساعة ونص." "يا رب الساعة دي تيجي بسرعة،" وافقت ليندا. لفيت عيني، والراجل اللي قعد جنب آدم ضحك ضحكة مكتومة. على العموم، الجلسة الافتتاحية مكنتش وحشة أوي. نائب رئيس قسم المبيعات استعرض النتائج لحد دلوقتي وإيه المتوقع مننا بعد كده. كان فيه كام تغيير بسيط عايز يطبقه، وبشكل عام، كانوا منطقيين جداً. بالنسبالي على الأقل. يمكن نائب الرئيس ده يثبت في منصبه شوية. "أخيراً،" اتنهد آدم لما طلبوا مننا نعدي الصالة. قاعة الاستقبال "ب" كانت متجهزة لساعة كوكتيلات، وبعدها هيبقى فيه عشا بوفيه مفتوح. ليندا قامت وزقت الكرسي لورا. "يلا نلحق نشرب كام بيرة دلوقتي مادام لسه ببلاش." "عجبني تفكيرها." آدم ضحك وزق دراعي بكوعه. "يا ريت تستنى لحد ما تقولك على بقية الخطة دي،" قلت له وزقيت الكرسي لورا عشان أقف. "إيه هي بقى؟" "إحنا رايحين بار معين،" بدأت ليندا، وأسرعت عشان تروح جنبه وتقول له كل التفاصيل. وده بالظبط اللي عملته. كانت بتتكلم بحماس وإيديها في الهوا وهي وآدم بيقودوا الطريق لساعة الكوكتيلات. "هي دايماً كده؟" سأل واحد من الشباب اللي شغالين مع آدم في مكتبه. "على حد علمي، آه." بالطريقة اللي ليندا متعودة عليها، خلت كل اللي قاعدين على ترابيزتنا، واللي كانوا من مكتبي چورچيا ومكتب آدم في فلوريدا، متحمسين للبار في ثواني. فضلت تتكلم عنه بحماس وإحنا بنشرب كام مشروب، وأنا رجعت أتعجب وأتخض شوية من قدرتها على الإقناع. مش غريبة أبداً إنها تكون في الأوائل في مبيعات الأدوية. على الوقت اللي أعلنوا فيه إن العشا بقى جاهز، كنت أنا روقت ومستعدة فعلاً إننا نخرج بليل. خلصت آخر قطرة من تاني بيرة شربتها وحطيت الإزازة على ترابيزة الكوكتيل. "يلا يا إيلي،" حثتني ليندا. "مش عايزين نبقى آخر ناس بتطلع. مش هنلاقي أكل." "أنا وراكي على طول. سبقيني." "أنا كمان،" أضاف آدم. "مش عايزين نفوّت البار الرهيب ده." "كلام سليم أوي،" وافقت ليندا. أنا ضحكت بس. كنت متأكدة إننا هنتبسط في أي مكان هنروحه، بس دي كانت ليلة أربع يعني نص الأسبوع. مش أحلى ليلة الواحد يسهر فيها في بار. "المكان ده أكيد حاجة جامدة أوي،" علّق آل، وهو واحد من مندوبين مبيعات آدم، وده خلاني أضحك بصوت أعلى. لحد دلوقتي، ليندا كان عندها حق. المؤتمر ده شكله هيبقى أحسن مؤتمر لحد دلوقتي. كنت لسة ببتسم لما لمحت الراجل بتاع المؤخرة الحلوة بتاع بدري. بس المرة دي، كنت شايفاه من الجنب، وده برضه ما خيبش ظني. القميص الأزرق كان مغطي صدر عريض، وكان مدخله جوه بنطلون غامق وحاطط حزام على وسطه الرفيع. كان فيه حاجة فيه شدّت انتباهي وخلتني صعبة أوي إني ما أبصش بعيد. هو وسيم، وسيم أوي، بس ده لوحده مش بيخليني في العادة أبص بتركيز كده زي ما عملت. الموضوع أكبر من كده. هو فكرني بحد. وبعدين لف، وبقى وشه ناحيتي، وكنت هقع. ليندا وآل قالوا حاجة، بس أنا مش فاكرة قالوا إيه. الراجل ده جسمه حلو بشكل خرافي. أو المفروض أقول رجل. هو أكيد بقى راجل. شعره الغامق والمموج كان مترجع لورا عن وشه اللي باين عليه إنه رجولي أوي. فك مربع، مناخير رومانية مستقيمة، وعضم خد عالي مع جبهة عريضة وحواجب مرسومة... كامِل بالمعنى. بس مش ده اللي خلاني ألهث كده. أنا عارفة العيون دي. بعد ما بصيت كويس على كارنيه الاسم اللي على صدره، تأكدت إنه مكتوب عليه "ويليام"، بس أنا عارفة إن ده مش اسمه. هو كبر في السن طبعاً. إحنا الاتنين كبرنا. عشر سنين بالظبط. شعره أغمق ووشه بقى أكثر حدة. مابقاش فيه أي حاجة صبيانية أو مدورة في تعبيرات وشه. المناخير شكلها اختلف شوية برضه، يمكن بقت مستقيمة أكتر... بس هي العيون دي، واسعة ومُكفهرة وغامقة... غامقة أوي، بس فيها نفس لون الكراميل الناعم اللي على أصفر حوالين القزحية. أنا غرقت في العيون دي... كتير أوي. بعد ثانية، رفع عينه، وعيونا جت في عين بعض. كان زي تيار كهربا ضربني في قلبي بالظبط. نفسي اتحبس في حلقي ووقفت فجأة، وده خلى الشخص اللي ورايا يخبط في ضهري. بس أنا تقريباً ما حستش بأي حاجة، عشان قدامي بالظبط – على بعد أقل من تلاتة متر – بكارنيه اسم مزيف، كان أوستن. حبيبي بتاع ثانوي. اللي اختفى من على وش الأرض قبل أسبوع من تخرجنا من ثانوي من غير ولا كلمة. ومحدش سمع عنه أي حاجة تاني. مش متأكدة لو طلعت صوت ولا لأ، بس أكيد عملت كده عشان ليندا مسكت دراعي وسألتني مالك. أنا حتى ما افتكرش إني رديت عليها. عيون أوستن، أو ويليام، أو زفت الطين اللي يكون اسمه، وسعت، كأنه عرفني، وبعدين، بعد ثانية، كان اختفى. ابتلعته الزحمة وهي في طريقها للبوفيه كأنهم حيوانات في صحرا شافوا مصدر مية. رد فعلي كان متأخر شوية، بس بعد كده انطلقت أجري. الغضب كان بيغلي في عروقي وأنا بجري وبزق نفسي في وسط الزحمة كأني في حفلة روك صاخبة مش مؤتمر مبيعات أدوية. أنا حتى ما اهتمتش لشكاوى الناس اللي زقيتهم على الجنب. كان عندي هدف واحد في دماغي؛ إني أعرف إيه اللي حصل بالظبط، وليه سابني من غير ولا كلمة.