موصى به لك

    الأقسام

    روايات تاريخية

    معارك ملحمية، مؤامرات، وأبطال منسيون

    ... ...

    روايات فانتازيا

    ممالك مفقودة وسيوف أسطورية، هنا تبدأ المغامرة

    ... ...

    روايات رومانسية

    لم تكن تعلم أن حياتها ستتغير بتلك النظرة

    ... ...

    روايات رعب

    السحر والكتب يخفون أسراراً لا تريد معرفتها

    ... ...

    روايات خيال علمي

    سافر عبر الزمن بتكنولوجيا تتحدى الخيال

    ... ...

    روايات مافيا

    عالم الجريمة المنظمة حيث القوة هي القانون

    ... ...

    روايات كورية

    اجمل القصص الكوريه المترجمه والكيدراما

    ... ...

    روايات اجتماعية

    صراعات يومية تعكس حقيقة الحياة التي نعيشها

    ... ...

    الأفضل شهرياً

      جنّة كوريا | قلب جديد يتوه في سيول

      جنّة كوريا

      بقلم,

      رومانسية

      مجانا

      لقت أحسن شغل في سيول وهتشتغل مساعدة لأعلى مدير بياخد مرتب هناك. سابت أهلها وحياتها في أمريكا عشان تحقق حلمها ده، ورغم إنها خايفة شوية من السفر لوحدها، بس متحمسة تبدأ حياتها الجديدة في كوريا وتشوف الثقافة المختلفة. بتقابل شاب وسيم ولطيف في الطيارة بيساعدها تخرج من خوفها من الطيران، وأول ما بتوصل بيستقبلها مساعد المدير اللي بيوريها مكتبها الفخم وشغلها اللي واضح إنه مهم جداً.

      ديريك

      شاب آسيوي وسيم ومرح، قابلته البطلة في الطيارة، لطيف جداً وعلمها أساسيات اللغة الكورية.

      سام

      مساعد المدير وأخوه، شخص عملي ولطيف، بيتكلم إنجليزي ممتاز، ومسؤول عن ترتيب كل حاجة للبطلة قبل وصولها.

      سيهون

      المدير الأعلى أجراً في سيول (لم يظهر بعد)، طلباته صارمة وواضح إنه شخصية مهمة جداً ومحترف.
      جنّة كوريا | قلب جديد يتوه في سيول
      صورة الكاتب

      أنا اتقبلت في الشغل! أنا اتقبلت في الشغل!
      
      مش مصدقة إني لقيت الشغل. قَروا جواباتي وقرروا يشغلوني.
      
      إني أشتغل مساعدة لأعلى مدير بياخد مرتب في سيول كان ده بالظبط اللي كنت بتخيله كل يوم طول الأسابيع اللي فاتت بعد ما قدمت على الإنترنت. إني يكون عندي خطة بديلة كان دايماً في دماغي. بس برضه كان لازم أبقى فاتحة مخي إني أروح لأعلى من كده في حياتي. السما كانت هي الحدود بالنسبة لي، فقولت ليه ما أقدمش على الوظيفة دي. طبعاً، ولا حاجة من دي كانت ممكن تحصل لولا إن أمي كانت في صفي وبتشجعني أحقق الهدف ده السنة دي.
      
      حتى لما أبويا كان عايش، أمي كانت دايماً أكتر واحدة بتدعمني؛ كنا دايماً إحنا الاتنين لوحدنا في وش الدنيا كلها. قلبي اتكسر لما اتقتل وهو في الجيش. وقتها، كان عندي اتناشر سنة، عشان كده أنا وأمي قَرَّبنا من بعض أكتر وبقينا عايزين نعمل رابطة شبه اللي كانت بيني وبين أبويا.
      
      ابتسمت بحماس وأنا بقوم من على مكتب الكمبيوتر بتاعي ومسكت تليفوني من على السرير عشان أكلم أمي. أمي بتشتغل شفت اتناشر ساعة، عشان كده مش بلومها على قد إيه هي أكيد تعبانة من إنها بتساعد وبترعى المرضى في المستشفى. عشان كده لما ردت، صوتها كان باين عليه إنه عايز ينام.
      
      صوتها اتغير من إنه كان عايز ينام لهتافات فرحة لما قلتلها إني اتقبلت. مجرد إني سمعت حماسها في التليفون خلاني أنط وأتنطط من الفرحة.
      
      الفرحة الجامدة دي هديت لما بدأت تسألني أسئلة عن الشغل. طبعاً، هي ما عجبهاش فكرة إني هكون في كوريا الجنوبية وإني لازم أسافر بكرة الصبح طيارة. أنا كمان ما كانش عاجبني، بس إحنا الاتنين كنا عارفين إن ده حاجة أنا مستنياها بقالي كتير.
      
      في الأول، ما كنتش فاكرة إنهم هيقبلوني عشان أنا لوني مختلف وجاية من أمريكا. أمي اضطرت تفكرني في التليفون إن كل حاجة ممكنة وإني ما أقللش من نفسي عشان عرقي. حتى إنها قالت إن أبويا هيكون فخور بيا قد إيه إني جبت الشغل ده، وده دفَّى قلبي. قبل ما نقفل التليفون، قلنا تصبح على خير لبعض ودعينا زي ما بنعمل كل ليلة. غسلت سناني ووشي وأخدت دُش. بعد كده، لميت كل هدومي وجهزت كل حاجة للصبح، ودخلت في نوم عميق.
      
      صحيت على صوت المنبه وهو بيرن وقمت من السرير. كل يوم لما بصحى، لازم أشغل مزيكا بصوت عالي عشان تبدأ يومي، عشان بصراحة المزيكا بتخلي كل حاجة أحسن.
      
      وصلت تليفوني بالبلوتوث، وأغنية لـ "ساد" بدأت تشتغل من السماعة بتاعتي. بابتسامة، كنت بتحرك مع الإيقاع وبغني الكلمات وأنا بغسل سناني.
      
      أول ما خلصت غسيل وشي، سويت الباروكة السودا بتاعتي وعملت تمويجات خفيفة في الأطراف. طلعت من الحمام عشان ألبس لبس اليوم، اللي كان بلوفر بكم طويل أبيض مع بنطلون رياضي رمادي وكوتشي أبيض. سخنت البيض بتاعي وعملت لنفسي كوباية عصير فواكه استوائية. بعد ما فطرت، دخلت أوضة أمي وشفتها نايمة. هي بقالها فترة بتشتغل جامد، وأنا عارفة قد إيه هي تعبانة، فعشان كده ما رضيتش أصحّيها. بهدوء، رحت جنبها وبوستها على جبهتها قبل ما أخرج من الباب ومعايا كل الشنط بتاعتي.
      
      الأوبر بتاعي كان بالفعل بره الشقة مستنيني، نزل من العربية ومسك الشنط بتاعتي وحطها ورا. دخلت العربية وهو ساق في الطريق للمطار. علَّى الراديو وبدأ يهز راسه مع الإيقاع.
      
      الطريق للمطار كان سالك رغم إن كان فيه زحمة لوس أنجلوس المعتادة، بس الرحلة كانت كويسة. اديت سواق الأوبر خمس نجوم وإحنا قربنا نوصل المطار.
      
      "أهو أنا وصلت مطار لوس أنجلوس الدولي."
      
      قلت لنفسي وأنا ببص على الزحمة والناس الأجانب. أول ما الأمن خلص تفتيش الشنطة وكل حاجتي، قعدت على كرسي عشان ألبس الشوز بتاعي. في نص ما أنا بعمل كده، تليفوني رن وكان في مكالمة من أمي. رديت على طول وسمعت صوتها في الخط.
      
      الساعة تسعة وربع كان وقت بدري، بس برضه ده الوقت اللي هي بتصحى فيه عشان تروح الشغل. بدأنا نتكلم قد إيه هنوحش بعض وأنا رايحة منطقة الانتظار عشان أسمع ميعاد الرحلة بتاعتي. قبل ما نقفل التليفون، أمي فكرتني قد إيه أبويا كان هيكون فخور بيا لو كان هنا، وده خلاني أدمع. ما فيش زي حب الأم اللي بيخليك تحس إنك أحسن. قعدت على الكرسي في صمت بفكر قد إيه الحياة هتكون مختلفة من دلوقتي. مجرد إني هعيش في مكان جديد كان حماس، بس برضه كان خوف. كنت قلقانة عشان دي هتكون أول مرة أطلع فيها بره البلد لوحدي، بس كنت متحمسة عشان الثقافة والحاجات اللي هشوفها وأنا شخص بالغ في كوريا الجنوبية. أفكاري اتقطعت بصوت تليفوني وهو بيرن تاني، بصيت على اللي بيتصل ولقيت إنها أعز صاحبتي أماندا.
      
      رغم إني قلتلها إني قدمت على الشغل وإنه هيكون في كوريا الجنوبية، نسيت أقولها إني اتقبلت. رديت على التليفون ورحبت بيها بسعادة، بس قبل ما أسألها عاملة إيه، سألتني ليه ما قلتلهاش إني جبت الشغل.
      
      بفضول، سألتها عرفت إزاي، وأماندا قالت إن أمي قالتلها الصبح. أمي طلعت أم بجد، عشان الأمهات بيقولوا لكل الناس على إنجازات ولادهم.
      
      كأنها طريقة تانية عشان يبينوا قد إيه بيحبوك.
      
      "يا ساتر، الست دي مش بتقدر تمسك نفسها خالص،" قلت وأنا بهز راسي.
      
      "أنا كمان ما كنتش هعرف أعمل كده. إنتي جبتي شغل جامد، بس ده في كوريا. هتوحشيني أوي ومش هشوفك حواليا." قالت، وده خلاني أبتسم.
      
      ما عرفناش نتكلم كتير عشان الميكروفون نده رقم الرحلة بتاعتي، بس هي كانت لسه بتكلمني في التليفون وأنا رايحة للصف بسرعة.
      
      أماندا كملت كلام في التليفون. "إنتي عارفة إنك لازم تظبطيني مع كام واحد حلو هناك، صح؟ إنتي عارفة كده، مش كده؟"
      
      أماندا دي صاحبتي من زمان من أيام الإعدادية. أهالينا كانوا يعرفوا بعض، عشان كده هي كانت معايا لما أبويا مات. كنا شغالين في نفس الشغل، بس على مر السنين بدأت أشتغل شغلانتين عشان كده ما كانتش بتشوفني زي الأول. بس هي تفهمت إني كنت بعمل كده عشان أمي.
      
      وأنا واقفة في الصف، الميكروفون نده رقم الرحلة بتاعتي تاني، وأماندا سمعته في التليفون، وده كان الإشارة لينا إننا ننهي الكلام اللي كنا فيه. بعد ما قلنا لبعض مع السلامة، كان فيه اتنين بس قدامي. ابتسمت في سري عشان مش هضطر أستنى في الصف كتير.
      
      أول ما طلعت الطيارة ودخلت. عيني مسحت كل كرسي وأنا ماشية عشان أدور على رقمي. لما لقيته، قعدت وحطيت شنطتي على الكرسي اللي جنبي. أخدت نفس عميق، وبصيت من الشباك بفكر في لوس أنجلوس وقد إيه المكان ده هيوحشني. عيني كانت هتغمض لحد ما صوت قطع عليا.
      
      "الكرسي ده فاضي؟" سأل راجل آسيوي طويل، كان لابس تي شيرت أسود وجينز أزرق غامق باهت. كان وسيم ومن شكل دراعاته، كنت عارفة إنه بيروح الجيم كتير. ابتسم لي وهو مستني إجابة.
      
      "لأ، ممكن تقعد." شلت شنطتي من على الكرسي عشان يقعد. بعد لحظة صمت بينا، قرر يبدأ معايا كلام.
      
      "عمرك رُحتي كوريا قبل كده؟"
      
      بصيت عليه، شفت ملامحه أكتر. شعره الغامق كان مسرَّح لورا، بس فيه كام خصلة كانت على وشه. كل ما يبتسم، عظمة خده بتطلع والغمزات الخفيفة بتاعته بتبان.
      
      "لأ، دي أول مرة ليا. إنت؟" عشان أبقى لطيفة، كنت عايزة أطوّل الكلام معاه وأديله كل انتباهي.
      
      "آه، أنا رُحت."
      
      قبل ما نكمل، عرفنا بعض أخيراً. اسمه كان بسيط وسهل يتذكر، ديريك.
      
      سألني ليه رايحة كوريا الجنوبية وقلتله عشان شغل. بعدين هو قاللي إنه رايح يزور عيلته في كوريا عشان كان مشغول أوي لدرجة إنه ما لقاش وقت ومجهود عشان يروح يشوف عيلته. عشان كده ده كان الوقت المناسب.
      
      لما خلصنا كلام، حسيت بالطيارة بتتحرك وبدأت أحس بوجع في بطني وأنا حاسة بالطيارة بتلف ببطء. حاولت ألهي نفسي عن الإحساس ده، بصيت حواليا أدور على أي حاجة أمسك فيها تخلي إحساسي أحسن.
      
      بس ما عرفتش ألاقي حاجة. لحد ما، عيني جات على إيد ديريك وبصيتله بتوتر. كان فيه صراع نفسي لأني مش عايزة أطلب منه الطلب ده، بس في نفس الوقت أنا كنت محتاجة أهدّي أعصابي.
      
      يا رب استر...
      
      "ممكن تمسك إيدي؟ أنا ما بحبش الطيارات." سألته بتوتر.
      
      استنيت الإجابة بصبر وهو كان بيبصلي ومصدوم، بس على طول ابتسم ابتسامة لطيفة قبل ما يهز راسه.
      
      
      
      
      
      "أكيد." إيديه غطَّت إيدي الساقعة الصغيرة.
      
      كان فيه هدوء للحظة قصيرة، بس إيدي مسكت جامد في إيده وإحنا طايرين أعلى وأعلى في الهوا. ديريك حاول يخليني أبص للسما، بس أنا فضلت مغمضة عيني وده خلاه يضحك. أنا ركبت طيارة قبل كده، خصوصاً وأنا صغيرة. بس برضه بكره إحساس إني في الهوا.
      
      "أنا آسف، ما كنتش أعرف إنك بتخافي من الطيارات. بس، لو حابة ممكن نتفرج على فيلم عشان تنسي اللي مضايقك، إيه رأيك؟" ديريك اقترح، وأنا هزيت راسي.
      
      راح على الشاشة اللي بتكون في ضهر الكرسي اللي قدامه وداس على قسم الأفلام. وبما إنه كان مشغول، أنا استغليت اللحظة دي وسحبت إيدي بعيد.
      
      شغَّل فيلم "ساعة الذروة" وإحنا كنا بنضحك بطريقة هستيرية وده خلاني أحس إني أحسن، وعرفت إني مش لازم أقلق. كان تشتيت ممتاز عن مخاوفي.
      
      ديريك لطيف ولذيذ أوي؛ أنا عاجبني دمه الخفيف. عرفنا اهتمامات بعض بسرعة وبدأنا نهزر مع بعض. حتى إنه علمني كام كلمة كوري وإيه اللي أقوله لما أتكلم مع حد. الموضوع كان محزن شوية لأني كنت عارفة إن العلاقة اللي بدأت بينا مش هتطول.
      
      صحيت من نومي اللي دام 9 ساعات، بصيت من الشباك شفت السما بتتغير من أزرق فاتح لبرتقالي وده بيعرفني إن الدنيا هتضلم قريب. عشان عرفت إني بقيت في آخر الدنيا، بصيت على الساعة في تليفوني عشان أشوف لو إحنا وصلنا آسيا ولا لأ.
      
      وإحنا وصلنا.
      
      لويت راسي عشان أشوف ديريك وهو نايم نص نوم وبيسمع مزيكا. عينينا اتقابلت أول ما اتحركت شوية، عشان كده قلتله صباح الخير. هو قالها برضه بصوت تخين شوية عشان لسه صاحي. قبل ما أقف من مكاني عشان أروح الحمام، عرض إنه يجيب لينا أكل، وده أنا وافقت عليه بحماس لأني كنت جعانة جداً.
      
      غسلت سناني، وقلعت البونيه الأسود اللي كنت لابساه وسرَّحت شعري لحد ما بقى شكله كويس. غيّرت الهدوم المريحة بتاعتي ولبست قميص أسود بأزرار وبنطلون جينز أسود بوسط عالي مع بالطو أسود عشان أبقى شكلها رسمي لما أقابل مساعد مديري.
      
      بعد ما خلصت أبص على نفسي في المراية، طلعت من الحمام. لما رجعت مكاني، كان فيه بيض طازج ولحم مقدد ووافل في الطبق بتاعنا. ديريك ابتسم لما شاف وشي الجعان وأنا قاعدة جنبه، وبعدين مدح في لبسي وده خلاني أضحك. هو كان شاطر في المدح، كأن دي موهبته. أول ما خلصت صلاة على الأكل بتاعي، ما ضيعتش وقت وأكلت الأكل بتاعي، وديريك عمل نفس الحاجة.
      
      مرت تلاتين دقيقة وإحنا خلصنا الأكل. دلوقتي كنا قاعدين مستنيين الطيارة تهبط.
      
      "أتمنى دي ما تبقاش آخر مرة نتقابل فيها." قال بس أنا كنت أتمنى إنه يكون بيهزر.
      
      "آه، أتمنى ما تكونش الأخيرة. لازم نشوف بعض تاني." ابتسمت له.
      
      "هيحصل، أنا هتأكد من كده." غمض عينيه وسند راسه لورا على الكرسي.
      
      بصيتله بفضول، اتساءلت لو اللي قاله كان ليه معنيين، بس بسرعة ما فكرتش في الموضوع ده تاني. قبل ما أعلي صوت التليفون، سيدة في الميكروفون أعلنت إن إحنا هننزل خلال عشرين دقيقة، عشان كده لازم نلم حاجتنا ونتأكد إن كل حاجتنا معانا.
      
      ديريك نام في الآخر وأنا فضلت مسترخية في الكرسي ومتحمسة إني في كوريا الجنوبية. ابتسمت بابتسامة واسعة وعيني بتبص على المدينة الجميلة، دي هتكون بيتي الجديد دلوقتي. صحيت ديريك أول ما حسيت الطيارة بتنزل. مسكت شنطتي أول ما هو لم حاجته وزقيت نفسي في صف الناس اللي مستنية تنزل وده ما أخدش وقت طويل. لما نزلنا من الطيارة ودخلنا المطار، كان هادي ومريح.
      
      أنا وديريك روحنا على السير بتاع الشنط وأخدنا الشنط بتاعتنا. قبل ما نقول مع السلامة، حضنا بعض وهو قال إنه هيحاول يلاقي وقت وييجي يشوفني تاني في سيول. احتفظت برقمه وعارفة إنه هيكلمني عاجلاً أم آجلاً، بس ما كانش ينفع أتشتت عشان عندي شغل لازم أعمله.
      
      بدأت أمشي ناحية أول المطار وشفت راجل لابس بدلة سودة وماسك ورقة عليها اسمي. طوله حوالي 5'8، شعره أسود ومتسرح كويس. مشيت ناحيته وهو شافني. أول ما قربت كفاية، عرفنا بعض.
      
      اسمه الأمريكي كان سام. بس، اسمه الكوري هو ساييم سون وده خلاني أتلخبط في الاسم اللي على اليونيفورم بتاعه وحاولت أنطقه بس هو صحح لي.
      
      "هيكون من دواعي سروري الشغل معاكِ. بس هاتي خليني أمسك شنطك ونروح على العربية." عرض بهدوء.
      
      كان بيتكلم بلكنة أمريكية بيرفكت، وده فاجئني. ما أخدناش وقت طويل لحد ما طلعنا من المطار وروحنا على الأودي السودة بتاعته. هوا الخريف ضربني جامد في وشي وده خلى جسمي يرتعش. وهو بيحط شنطي في الشنطة اللي ورا، أنا قعدت في الكرسي اللي قدام وربطت حزام الأمان. ما عداش وقت طويل لحد ما دخل العربية وساق بعيد عن المطار. وأنا قاعدة ورا سام بيسوق، كنت ببص من الشباك ومبهورة بشكل المدينة وقد إيه هي شكلها سماوي في الوقت ده.
      
      في نص تفكيري، سام بدأ يتكلم معايا. وده فاجئني إنه قاللي إن أخوه هو مديري، سيهون سون. كمل كلامه وقال إنه بيروح مع سيهون اجتماعات مهمة وبيساعده في الورق عشان يشوف لو كل حاجة صح. ضحكنا ضحكة حلوة على قد إيه ممكن يكون الموضوع مزعج أحياناً مع أخ أو أخت بس هو ماشي معاه.
      
      أنا طفلة وحيدة عشان كده مش عارفة إزاي بيكون عندك أخ أو أخت. بس كل ما بسمع ناس بتتكلم عن عيلتها وإخواتها، بتمنى يكون عندي. وأنا سام بيكمل سواقة في الشوارع، سألني لو كنت بعرف اللغة. قلتله إني بعرف كفاية عشان أبدأ حوار بسبب ديريك بتاع الطيارة بس مش أكتر من كده.
      
      سام قال إن سيهون بيشوف إنه لازم إني أكون بعرف أتكلم كوري. وكمان، لما أقابل سيهون أول مرة، هنتكلم كوري في الأول قبل الإنجليزي، وده ما شفتوش حاجة وحشة. كل اللي عليا إني أتدرب وأنا بتعلم بسرعة عشان كده مش هيكون فيه مشكلة إني أتعلم لغة جديدة. سام اقترح كام موقع وقناة يوتيوب ممكن تساعدني أتعلم كوري وأنا كنت ممتنة جداً.
      
      أخدنا أربعين دقيقة عشان نوصل لشركة "إس كي هولدينجز" ولما وصلنا المدخل كان فيه رجالة لابسين أسود مستنيين بره زي خدمة إيقاف العربيات. سام نزل من العربية الأول والراجل فتح لي الباب. قلتله شكراً بأدب بالكوري قبل ما أدخل المبنى الكبير. كان شكله فخم زي الصور اللي شفتها على الإنترنت، بس في الحقيقة أحسن. الشركة عندها كافيه ومخبز جنب المكتب المسجل عشان كده مش لازم أقلق إني أجيب فطار من بره المبنى.
      
      سام قاللي إني مش لازم أمضي في مكتب الاستقبال لأني خلاص بقيت عضو. كل اللي لازم أقوله إني مساعدة سيهون وأوريهم الكارنيه بتاعي عشان يخلوني أدخل. اتفاجئت لما قال إن الستات اللي في مكتب الاستقبال بالفعل عارفين شكلي.
      
      سيهون سون ده بيأخد موضوع إنه يكون عنده مساعدة على محمل الجد.
      
      بعدين، شرح لي كل دور وإيه اللي بيعملوه الناس من الدور الأول للتالت. أخيراً، وراني مكتبي اللي كان منظم وكبير، وكان بيطل كمان على الفندق بتاعي ومنظر حلو للمدينة، كان شكله جميل بالليل أوي. القمر كان بيلمع في المكان المضبوط ومنور السما كلها. بعدين روحنا على مكتب سيهون، كان بالظبط جنب مكتبي، عشان كده أنا كنت مبسوطة إني مش لازم أمشي كتير. سام قاللي إن لو سيهون عايز حاجة هيكلمني في التليفون أو ببساطة هييجي مكتبي.
      
      وأنا ببص حواليا في مكتبه والمنظر اللي فوقنا، اتساءلت سيهون فين دلوقتي. "سيهون مون فين في الوقت ده؟ لو مش مضايقة السؤال."
      
      هو هز إيده كده قبل ما يكمل. "آه، هو في الجيم."
      
      ده وقت متأخر جداً إني أتمرن في الجيم. بس مين أنا عشان أحكم.
      
      بعد ما طلعنا من "إس كي هولدينجز"، سام أخدني على طول للفندق. حسيت العربية وقفت خالص، بصيت من الشباك وشفت إننا واقفين قدام مبنى عالي. كنت سعيدة بشكل الفندق من بره، باين عليه إنه غني. وأنا ببص على المبنى الأسود اللي قدامي، سام مسك شنطي وراح بيهم جوه اللوبي.
      
      ما وقفناش حتى عند مكتب الاستقبال عشان الأوضة بتاعتي، هو فضل ماشي لحد ما وصلنا جوه الأسانسير.
      
      "سام، مش لازم نعرف رقم الأوضة والمعلومات بتاعتي؟" سألت.
      
      ضحك قبل ما يبصلي. "يا حبيبتي، مش لازم، سيهون خلاص حجز أونلاين عشان كده معايا كل المعلومات اللي محتاجاها بخصوص أوضتك."
      
      حسيت بالانبهار وهزيت راسي ووشي عامل زي اللي متكبر شوية. أول ما باب الأسانسير اتفتح، طلعت أنا الأول، وهو بقى قدامي عشان يوريني طريق الأوضة. سام قاللي الدور اللي هكون فيه ورقم الأوضة وأهو بيفتح لي باب الأوضة.
      
      طلعت الأوضة بتاعتي سويت بنتهاوس وكانت شكلها فخم جداً بمنظر رائع على سيول. كان فيه بلكونة بره وأوضة معيشة بشاشة تليفزيون كبيرة. الحمام كان حلو وكبير، كان فيه بانيو ودُش. والسرير. يا سلام! أنا حبيت السرير. كان كبير جداً لدرجة إن خمسة ممكن يناموا فيه.
      
      المكان ده كان كأنه جنة.
      
      بعد ما وراني جولة في الأوضة، سام قاللي إنه عمل حجز عشاء لي عشان آكل قبل ما أنام.
      
      "شكراً جداً ليك يا سام. أنا بجد مقدّرة ذوقك معايا." قلت.
      
      ابتسم بأدب. "أتفضلي، ده من دواعي سروري."
      
      حنيت راسي احتراماً وهو عمل نفس الحاجة قبل ما يمشي من السويت.
      
      كام لحظة عدت وسمعت خبط على الباب. فتحت الباب لقيت اتنين من اللي بيشتغلوا في الفندق معاهم العشاء اللي سام حجز عشانه. جهزوه على الترابيزة الصغيرة اللي كانت قدام التليفزيون وبعدين مشيوا.
      
      قبل ما آكل العشاء، قررت أنعنش نفسي. غسلت وشي وأخدت دُش سريع. بعد ما طلعت من الدُش، نشفت نفسي بفوطة ولبست الروب اللي كان ورا الباب. حسيت إني دافية ومرتاحة، دخلت أوضة المعيشة وشغلت التليفزيون عشان أشوف أي حاجة وأنا باكل.
      
      وأنا بقلب في القنوات، اكتشفت إنهم كلهم كوري. كنت خلاص هستسلم لحد ما لقيت فيلم. قريت عناوين الفيلم من تحت وشفت إن فيلم "إغواء السيد المثالي" شغال. الممثل الرئيسي على الشاشة كان بيتكلم إنجليزي فسابته شغال. فتحت الأكل وكان ستيك مع بطاطس مهروسة بيضا. بعد ما خلصت أكل فتحت اللابتوب بتاعي ودخلت على الإيميل عشان أشوف التعليمات اللي سام إداهالي لسيهون.
      
      بتتاوب، بصيت على الساعة وشفت إنها عشرة بالليل. أول ما الفيلم خلص، قفلت التليفزيون ورحت أوضة النوم بتاعتي. أول ما ارتحت في السرير، اتصلت بأمي واتكلمت معاها. أنا وحشني صوتها المريح ووشها الجميل.
      
      اتكلمنا شوية قبل ما نقول تصبح على خير لبعض وحطيت تليفوني في الشاحن وسبته على الكومودينو. طفيت نور الأباچورة، سحبت الغطا عليا ونمت.
      
      
      

      عالم مصاصي دماء | تمرد جنية على كليشيه الرقة

      عالم مصاصي دماء

      بقلم,

      فانتازيا

      مجانا

      مغامرات بتحكي عن ألاريا، الجنية اللي مش شبه أي جنية تانية، وهي بتدخل أكاديمية الفنون والعلوم الغامضة. المدرسة دي فيها كل الأجناس من شياطين ومصاصين دماء، وألاريا بتحاول تثبت إنها قوية رغم إن أصولها جنية رقيقة. كارمي، مصاصة الدماء الـ"جامدة" والوفية، بتساعد ألاريا تواجه قلقها وتتعرف على صحابها زي زاك الشرير اللطيف، لكن خوفها الكبير من ابن اللورد مالاكار، بليك، مخليها متوترة، خاصة مع أول حفلة ليها في الأكاديمية.

      ألاريا

      جنية بتكره الـ"كليشيهات" وشكلها ضعيف شوية، لكنها مصممة تثبت قوتها ومهارتها في التحكم بالماء. قلقانة قوي من إنها متقدرش تتأقلم.

      كارمي

      الصديقة الأولى لألاريا، عارفة كل حاجة في الأكاديمية. شخصيتها واثقة وأنيقة وعندها أصحاب كتير، وهي اللي بتشجع ألاريا تخرج وتشوف الناس.

      بليك

      ابن اللورد مالاكار المرعب. حد قوي ومشهور بخطورة أبوه، ألاريا مرعوبة من فكرة إنها ممكن تقابله.
      عالم مصاصي دماء
      صورة الكاتب

      وقفت ألاريا على عتبة أكاديمية الفنون والعلوم الغامضة، وقلبها يخفق بمزيج من الحماس والخوف. المباني الضخمة التي تغطيها نباتات اللبلاب (Ivy) كانت شامخة أمامها، وهندستها المعمارية القوطية مهيبة ومرعبة في نفس الوقت. كان الطلاب من جميع الأشكال والأحجام والأجناس يركضون حولها، كل منهم منغمس في عالمه الخاص. كان الشياطين والأقزام ومصاصو الدماء والمستذئبون وأحفاد الآلهة المختلفة يتعايشون في مزيج فوضوي ولكنه متناغم.
      
      أخذت ألاريا نفساً عميقاً وشدّت من أزرها. كانت تنتظر هذه اللحظة منذ سنوات، لكن الآن وقد حانت، لم تستطع التخلص من القلق الذي يعتصرها من الداخل. كونها جنية، وخصوصاً جنية لا تتماشى مع القالب النمطي (الـكليشيه)، كان يعني أنها حتماً ستكون مختلفة وملفتة للانتباه – وهذا ليس بالضرورة أمراً جيداً.
      
      أبعدت خصلة من شعرها النحاسي خلف أذنها وعدلت حزام حقيبة ظهرها. في هيئتها البشرية، كان طولها حوالي 1.60 متر بس، تبدو نحيفة وهشة. وهذا، بالرغم من غرابة الأمر، جعلها بارزة. اليوم، واحتفالاً باليوم الأول للدراسة، كانت ترتدي بنطالها المفضل الممزق، وقميصاً عليه شعار فرقة موسيقية، وحذاءها الـ"دوك مارتنز" المهترئ. كان زيّها المختار بعناية يهدف إلى إظهار الثقة وصدّ الاستهزاء الذي توقعته من زملائها. فمعظم الجنيات كن يفضلن الملابس السماوية والرقيقة، حتى في هيئتهن البشرية، لكن ألاريا لم تكن مهتمة أبداً باتباع هذا الـ"تريند" ده.
      
      
      
      
      بينما كانت تسير عبر الفناء، شعرت بنظرات الآخرين عليها. كانت الهمسات تحوم في الهواء، ورغم أنها لم تستطع سماع الكلمات بالضبط، إلا أنها كانت تعلم عمَّن تتحدث. جنية لا تظهر نفسها بملابس ضيقة. جنية في هذه المدرسة؟ هذا أمر شبه غير مسبوق. شدّت قبضتها على أحزمة حقيبة ظهرها، محاولة تجاهل ارتعاش الأعصاب في معدتها.
      
      لطالما كانت والدتها، إيني (Ainé)، ملكة الجنيات، متسامحة ومتقبلة للبشر والمخلوقات الأخرى، وعلاقاتها الغرامية الكثيرة مع رجال فانون (بشر) جلبت لها العديد من الأبناء. أشقاء ألاريا، بعُقد التفوق لديهم وميولهم الأنانية، جعلوا طفولتها صعبة. تعلمت مبكراً أنها لا تريد أن تكون مثلهم، وهذه المدرسة كانت فرصتها لشق طريقها الخاص، بعيداً عن ظل عائلتها.
      
      كان الخوف من التعرض للتنمر بسبب أصولها حقيقياً. فالجنيات، على الرغم من قواهن، غالباً ما كان يُنظر إليهن على أنهن هَشّات وحساسات. قد يراها الطلاب الآخرون هدفاً سهلاً، وكانت ألاريا تعلم أنه يجب عليها إظهار القوة لتجنب التعرض للمضايقات. كانت عازمة على أن تكون صلبة، وألا تظهر تأثرها بالإهانات، لكن في أعماقها كانت تعلم مدى صعوبة هذا الأمر.
      
      وسط بحر الوجوه الغريبة، كانت هناك فكرة واحدة تريحها: كارمي. التقت ألاريا بكارمي، وهي فتاة مصاصة دماء، منذ فترة في يوم مفتوح بالمدرسة. ذِكرى لقائهما رسمت ابتسامة صغيرة على شفتيها. كانت كارمي صريحة وودودة، وظلا على تواصل عبر الهاتف. كانت ألاريا تتطلع إلى رؤيتها مرة أخرى أخيراً. كارمي هي شخص يمكنها أن تثق به، وهذا كان حاجة نادرة في حياتها.
      
      
      
      بينما كانت تشق طريقها نحو السكن الجامعي، تحولت أفكار ألاريا إلى مخاوفها. قدرتها على التحكم في الماء كانت لا تزال لغزاً بالنسبة لها. كانت قد تدربت في الغابة القريبة من منزل أجدادها، لكنها لم تصل بعد إلى الإمكانات الكاملة لقواها. ماذا لو كانت مخيبة للآمال؟ ماذا لو لم تستطع مجاراة الطلاب الآخرين الذين بدوا أكثر ثقة وقدرة منها بكثير؟
      
      غرقت في أفكارها، وكادت تتجاهل صوتاً مألوفاً ينادي اسمها. "ألاريا!"
      
      استدارت ورأت كارمي تسرع نحوها بابتسامة واسعة على وجهها. كانت كارمي تبدو مثل مصاصة دماء نموذجية بكل المقاييس – طويلة، شاحبة، وأنيقة، وذات ثقة تحسدها عليها ألاريا. لكن ابتسامتها كانت دافئة وصادقة، وطمأنت الجنية الشابة على الفور.
      
      "كارمي!" صاحت ألاريا، واتسعت ابتسامتها وهي تسرع نحو صديقتها. تعانقتا لفترة وجيزة، وراحة العناق بددت بعضاً من قلق ألاريا.
      
      "من اللطيف جداً أن أراكِ،" قالت كارمي، وهي تتراجع لتنظر إليها. "وحشتيني."
      
      "وأنتِ كمان وحشتيني،" أجابت ألاريا. "كنت قلقانة قوي اليوم، بس رؤيتك خلت الموضوع أحسن شوية."
      
      
      
      "متخافيش (لا تكوني قلقة)،" قالت مصاصة الدماء مطمئنة. "نحن هنا معاً وصدقيني، هتبقي عظيمة."
      
      سارتا معاً نحو سكنهما وتحدثتا عن عطلتيهما الصيفية وتوقعاتهما للعام الدراسي. بقيت مخاوف ألاريا وشكوكها، ولكن مع كارمي بجانبها، لم تعد تبدو ساحقة كما كانت. ولأول مرة في ذلك اليوم، سمحت الشابة ذات الشعر الأحمر لنفسها أن تشعر بـلمعة أمل. ربما، ربما فقط، يمكنها أن تجد مكانها هنا في نهاية المطاف.
      
      عندما وصلتا إلى سكنهما، أخذت ألاريا نفساً عميقاً وفتحت الباب. هذا هو الأمر – بداية فصل جديد في حياتها. كانت مستعدة لمواجهة جميع التحديات التي تنتظرها لتثبت لنفسها وللجميع أنها أكثر من مجرد جنية رقيقة. ومع كارمي بجانبها، شعرت بأنها أقوى قليلاً، وأكثر شجاعة بعض الشيء. معاً، ستجدان طريقهما في هذا العالم الجديد وتأخذان مصيرهما بأيديهما.
      
      عندما دخلتا سكنهما، توقفت ألاريا وكارمي لتنظر كلتاهما إلى مساحة معيشتهما الجديدة. كانت واسعة ومقسمة بالتساوي في المنتصف لتعكس شخصياتهما وتفضيلاتهما الفريدة.
      
      جانب كارمي كان تناقضاً صارخاً باللون الأسود، مع ستائر داكنة على النوافذ وديكور قوطي على الجدران. كانت القطعة المركزية هي "سريرها" – هيكل يشبه التابوت دون غطاء، مبطن بالمخمل الأسود الفخم. لاحظت كارمي ارتفاع حاجبي ألاريا وابتسمت.
      
      "أنا عارفة، إيه رأيك؟ هو كليشيه، بس أعتقد أنه بيضحك قوي،" قالت كارمي، وهي تمرر يدها على الخشب الناعم. "كمان بيخلي الناس بعيد شوية. هتستغربي من عدد الناس اللي لسه خايفة من مصاصي الدماء بسبب حاجة زي دي."
      
      ضحكت ألاريا وهزت رأسها. "بالتأكيد هي "بيان" واضح."
      
      على جانب ألاريا، كان الجو مختلفاً تماماً. أحضرت مجموعة مختارة من النباتات التي تزين الآن كل سطح متاح. النوافير الداخلية توفر صوتاً مهدئاً لخرير الماء، والمزهريات الزجاجية المليئة بالنباتات المائية خلقت بيئة هادئة، تكاد تكون سماوية. سريرها، الكبير والمريح، كان محاطاً بالخضرة، لكن ألاريا كانت تعلم أنها ستقضي معظم الليالي في هيئتها الجنية، محتضنة بين أوراق نباتاتها وبتلاتها.
      
      
      
      
      
      
      "واو، مكانك ده كأنه واحة،" علّقت كارمي بعينين متسعتين وهي تنظر إلى البيئة المورقة المحيطة بها.
      
      "شكراً لكِ،" قالت ألاريا بابتسامة. "أنا محتاجة النباتات والمياه عشان أحس إني في بيتي. دي طريقتي عشان أظل متصلة بقواتي."
      
      قضتا الساعة التالية وهما تفرغان متعلقاتهما في صمت ودّي، وكل واحدة منهما غارقة في أفكارها. تداخل الصوت الإيقاعي للمياه من نافورة ألاريا مع صوت الصرير المتقطع لسرير كارمي (التابوت)، خالقاً سمفونية فريدة لمساحتهما المشتركة.
      
      مع غروب الشمس تحت الأفق، كسرت كارمي الصمت. "حسناً، هناك بعض الأصدقاء الذين أود أن أعرّفكِ عليهم. عندي هنا كام واحد من مصاصي الدماء، وكمان أعرف كام واحد من الشياطين لطاف جداً."
      
      توقفت ألاريا وهي ترتب نباتاتها ونظرت إلى كارمي بانبهار. "بجد؟ شكلهم إزاي؟"
      
      "حسناً، هناك فلاد وليلى – هم مصاصو دماء مثلي. فلاد قديم شوية (تقليدي)، بيحب كل تقاليد مصاصي الدماء، لكنه ممتع قوي بمجرد ما تتعرفي عليه. ليلى متمردة حبتين، ودايماً مستعدة لأي مغامرة. بعدين فيه آش، شيطان. هو شقي (ماكر)، بس قلبه طيب. قضينا وقتاً مجنون مع بعض،" شرحت كارمي وعيناها تلمعان بالإثارة.
      
      استمعت ألاريا بذهول بينما صديقتها تروي قصص مغامراتها. استرخت، وبدأت مخاوفها الأولية من التكيف تتلاشى ببطء. إذا كان لدى كارمي أصدقاء هنا، فربما تتمكن هي أيضاً من العثور على بعض الأصدقاء.
      
      عندما بدأت كارمي تتحدث عن آش، غيرت مسار كلامها. "آه، وقبل ما أنسى—فيه زاك. هو واحد من أقرب أصدقائي هنا. تربينا سوا، فـهو زي العيلة. هو كمان شيطان، مريح قوي ودايماً مستعد لقضاء وقت ممتع. زاك عنده قدرة فظيعة على خلق الظلال والتلاعب بها. هو جامد قوي (رائع جداً)."
      
      أثار اهتمام ألاريا. "يبدو مثيراً للاهتمام. إيه تاني صفاته؟"
      
      "زاك مضحك قوي، ودايماً بيعمل مقالب، بس هو كمان مخلص جداً. هو وبليك مبيفارقوش بعض لما بليك بيكون موجود. هما تقريباً دويتو (ثنائي) لا ينفصل."
      
      
      
      
      
      عند ذكر اسم بليك، تجمدت ألاريا. لقد سمعت قصصاً عنه، قصصاً جعلت معدتها تضطرب خوفاً وانبهاراً. الجميع كان يعرف من هو بليك والسمعة المظلمة لوالده، اللورد مالاكار. فكرة أن شخصاً بهذه القوة والمخافة سيدرس في نفس المدرسة كانت أكبر من أن تستوعبها.
      
      "بليك؟" كررت بصوت لم يكن أعلى من همس. "بليك ده ابن اللورد مالاكار؟"
      
      أومأت كارمي برأسها عندما لاحظت رد فعل ألاريا. "أيوه، هو. أنا معرفوش قوي، لكن من اللي شفته، هو يبدو لطيف. زاك بيقدّره جداً، وهما أصحاب من زمان."
      
      تسارعت أفكارها. لم تستطع أن تصدق أن بليك، الشيطان الذي والده هو أحد أقوى الكائنات في العالم السفلي، سيسير في نفس الممرات التي تسير فيها. لقد سمعت قصصاً لا تُحصى عن قوته وقدرته على التحكم في الإرادة الحرة للآخرين. كانت تأمل في تجنب أي لقاء معه ومع أمثاله، لكن يبدو أن القدر كان له خطط أخرى.
      
      شعرت كارمي بانزعاجها وعصرت يدها مطمئنة. "متقلقيش (لا تقلقي)، ألاريا. دي مدرسة كبيرة. يمكن متقابلوش حتى."
      
      أومأت ألاريا، رغم أنها لم تقتنع تماماً. فكرة الدراسة في نفس المدرسة مع بليك كانت مرعبة، لكنها لم تستطع أن تخضع للخوف. كان عليها أن تظل قوية.
      
      
      
      
      
      "على أي حال،" تابعت كارمي، محاولة تخفيف الأجواء، "بالنسبة للحفلة الليلة. لازم تيجي معايا. دي طريقة رائعة عشان تتعرفي على الناس وتستمتعي."
      
      عضّت الجنية شفتها، ولا تزال غير متأكدة. "معرفش يا كارمي. التجمعات الكبيرة بتخليني قلقانة. أنا أفضل إني أستريح هنا."
      
      "أرجوكِ، يا ألاريا؟" توسلت كارمي بعينين واسعتين ومليئتين بالأمل. "أنا محتاجالك هناك. مش هتكون زي ما هي من غيرك. دي كمان فرصة مثالية عشان توري الجميع قد إيه أنتِ رائعة."
      
      تنهدت ألاريا ولم تستطع مقاومة تعابير كارمي الجادة. "حسناً، ماشي. بس لفترة قصيرة بس."
      
      "يا سلام!" هتفت كارمي وصفقت بيديها. "هتكون حاجة جامدة؛ أنا أوعدك. يلا دلوقتي نجهز."
      
      بينما كانتا تستعدان للحفلة، لم تستطع ألاريا إلا أن تشعر بمزيج من الخوف والترقب. اختارت زياً يعكس أسلوبها – تنورة سوداء، قميص فرقة داكن، وحذاءها الـ"كونفرس" المفضل. وضعت كحل عينها المجنح بدقة وأضافت لمسة من الجرأة إلى مظهرها. كارمي، العاشقة للموضة دائماً، اختارت فستاناً أسود أنيقاً أبرز أناقتها.
      
      عندما وقفتا أمام المرآة، أخذت ألاريا نفساً عميقاً. هذه هي فرصتها لترك انطباع جيد وإظهار أنها أكثر من مجرد جنية رقيقة. كانت تأمل أن تمثل هذه الأمسية بداية لشيء جديد ورائع في حياتها في أكاديمية الفنون والعلوم الغامضة.
      
      "جاهزة؟" سألت كارمي، وعيناها تلمعان بالإثارة.
      
      "جاهزة،" أجابت ألاريا، مستجمعة شجاعتها. معاً، خرجتا من سكنهما إلى المجهول، مستعدتين لمواجهة ما يخبئه لهما الليل.
      
      

      رواية سيدة الظلام | سر القوة الدائمة

      سيدة الظلام

      بقلم,

      خيال علمي

      مجانا

      "اللورد دراكون"؛ متدربة السيث القوية اللي بتحاول تثبت لجورم، معلمها الشديد، إنها تستاهل تكون زميلة له. هي بتنفذ مذابح على الكواكب زي "جاكو" و"باستيل" عشان تزرع الخوف، وده اللي بيخليها تاخد الاحترام، خاصةً إن ما حدش يعرف إنها ست تحت القناع. بس الأمور بتتصعب لما "النظام الأول" بيظهر فجأة، وعلى رأسهم "كايلو رين"، عشان يوقفوا انتشار الظلال واللورد دراكون الجديدة دي. هي دلوقتي في ورطة كبيرة وبتواجه تهديد أقوى بكتير من اللي كانت متوقعاه.

      اللورد دراكون

      متدربة سيث قوية جداً بتستخدم قناع عشان تخفي هويتها كـ امرأة عشان تاخد احترام أكبر. بتؤمن إن الحب ضعف وإن الخوف والقوة هما كل حاجة.

      اللورد جورم

      معلم دراكون القاسي، هو اللي دربها من صغرها وبيختبرها دلوقتي عشان يشوف هتنجح في نشر الخوف ولا لأ.

      كايلو

      واحد من قادة "النظام الأول"، بـ يراقب انتشار نفوذ دراكون والظلال، وبيشوفهم تهديد لقوته، عشان كده قرر يطاردهم بنفسه.
      سيدة الظلام | سر القوة الدائمة
      صورة الكاتب

      اللورد دراكون
      ---------
      
      "ده اختبار. مش هتفشل فيه."
      
      حنيت راسي وقلت: "أوامرك يا سيدي."
      
      كان لازم أعمل مذبحة في قرية، بس لوحدي، من غير اللورد جورم.
      
      كان لازم "أنضّف" كوكب جاكو. أقتل كل اللي حسيت إنهم "ما يستاهلوش" يكونوا للجانب المظلم.
      
      ده كان معناه تقريباً السكان كلهم.
      
      عملت كده قبل كده، بس عمري ما قُدت فريقي لوحدي.
      
      كان بيختبرني، عشان يشوف لو أنا أستاهل التدريب اللي قضيت فيه عمري كله، عشان يشوف التدريب ده هيخلص حياتي ولا هيجيبلي النصر. عشان يشوف لو أنا هخلي مشاعري تأثر على هدفي. عشان أثبت إني ما عنديش ولا ذرة نور جوايا، وإن النور ده مات، وكل حاجة تانية ماتت معاه. كان لازم أثبت إني مع الجانب المظلم، وإن الظلام ابتلع أي نور بسيط كان عندي، وأثبت إني هفضل طول العمر... مُخلِص.
      
      إحنا ما كناش من "النظام الأول"، وإحنا عكس الـ"جيداي" بالظبط.
      
      كانوا بيسمونا الظلال. الأخطر والأكثر رعباً في المجرة كلها.
      
      "النظام الأول" ما كانش يقدر يقف قصادنا.
      
      "لو نجحت في المهمة دي، مش هتبقى مجرد متدرب السيث بتاعي تاني. هتبقى اللورد دراكون، زميلي، شريكي، رفيقي. هتبقى واحد من فريقي."
      
      ابتسامة كادت تظهر على وشي.
      
      اللورد جورم وقف، وقفته المثالية. وجهه اللي لابِس القناع، ما حدش يعرف يقرأه.
      
      "أيوة يا سيدي، شكراً."
      
      لف وشه وقال: "يلا، أنت عارف إيه اللي هيحصل لو ما نجحتش."
      
      وشي اتجمد، وحنيت راسي تاني، ومشيت من قدامه.
      
      لبست القناع بتاعي، وثبّته على بدلتي، وبدأت أفقد هدوئي ببطء.
      
      البدلة دي كانت الملاذ الآمن بتاعي، درع.
      
      جوا البدلة دي، ما حدش هيجرحني، ولا هيحكم عليا.
      
      ما حدش كان يعرف إني بنت، وبالشكل ده، كان عندي احترامي.
      
      "آنسة دراكون. دخلنا المنطقة الغربية، سفننا جاهزة عشان تنزل على جاكو. إشارتك بس."
      
      قال لي النقيب سوليوس. كان نقيب جنود، لابس نفس البدلة السودة زي كل الجنود التانيين. السبب الوحيد اللي خلاني أعرف إنه النقيب هو الخط الأحمر اللي كان مرسوم على خوذته.
      
      وقفت مستقيمة وقلت: "هنمشي دلوقتي يا نقيب."
      
      هز راسه ولف عشان يمشي.
      
      "آه... يا سوليوس؟"
      
      اتجمّد ولف ببطء. حسيت إن خوفه بيزيد وابتسمت بخبث.
      
      "يبقى اسمي 'سيدي'. مش آنسة. لما ننزل على جاكو. لو أنت، أو أي حد من رجالتك ناداني بغير كده، أنا اللي هقتلك ومش هفكر مرتين."
      
      إيده ارتعشت على جنبه، وقال: "حاضر يا سيدي."
      
      رفعت راسي وقلت: "جهز رجالتك. هننطلق فوراً."
      
      🌑 وجهة نظر كيلو رين
      "يا لورد رين. الكلام انتشر والاتهامات صحيحة. جاكو اتعرض للهجوم، وكان اللي بيقود الهجوم متدرب سيث."
      
      رفعت راسي وقلت: "دراكون؟"
      
      جندي العاصفة هز راسه بتردد: "الشخصية اللي اسمها دراكون بقت أقوى. هو ورجالته القليلين دول قضوا على سكان أراضي 'جوازون' القاحلة، ونقطة 'فاريسي'، ووديان 'كلفين رافين' في 'توانول'." رجع خطوة لورا لما شاف وقفتي المتصلبة.
      
      خدت نَفَس عشان أهدّي غضبي اللي كان بيزيد: "فيه أي حاجة تانية؟"
      
      هز راسه ببطء، والخوذة بتاعته بتتهز.
      
      "فـ... فيه كلام بيقول إن الـ... المتدرب ده بقى دلوقتي... لورد سيث، وبكرة هـ... هيروح ورا 'باستيل' اللي موجودة في الأراضي الخارجية في قطاع 'كورفا'." ده قعد يتأتئ زي العيِّل التافه.
      
      يا له من شخص مثير للشفقة.
      
      رفعت إيدي وباستخدام القوة، كسرت رقبة جندي العاصفة ده اللي مالهوش أي لازمة.
      
      جسمه وقع عند رجلي، ورفست جثته بغضب.
      
      أكيد بتتساءل ليه ده مضايقني، ليه ظهور شخصية دراكون ده والمعلومات عن الهجوم الجديد ده نرفزوني قوي. الإجابة واضحة، الظلال بتنشر أخبار إنجازاتهم، والقرى اللي دمروها، وده بيزرع الخوف في قلوب الناس كلها. الخوف هو المفتاح اللي بيفتح القوة، وحالياً، اللورد جورم ولورده الجديد دراكون بيفرضوا عالم من الخوف على الكل. دلوقتي بقت عندهم القوة.
      
      باب الأوضة اتفتح، ودخل الجنرال هكس، ووراه كام جندي عاصفة.
      
      بص على الجندي الميت اللي عند رجلي وقلب عينه بملل.
      
      "عملنا نوبة غضب تانية دلوقتي، مش كده؟" سأل وهو بيستفزني.
      
      "إياك تختبر صبري." قلت وأنا بغلي.
      
      اتنهد وقال: "القائد سنووك مديك الصلاحية الكاملة عشان تدير موضوع الهجوم على جاكو. ده طبعاً رغم أني كنت معترض." أضاف وهو مغتاظ.
      
      وقفت شوية أفكر.
      
      "اضبطوا المسار على باستيل. إحنا رايحين عشان ننهّي اللورد دراكون ده."
      
      
      
      
      
      
      
      اللورد كورا دراكون.
      
      كان الاسم ده لايق.
      
      طبعاً، بما إن "كورا" اسم بنت، فـ هيكون الاسم "اللورد دراكون".
      
      الموضوع مش إني مكسوفة إني ست—لأ خالص.
      
      الفكرة هي إن في منصبي الحالي، هـ آخد احترام أكتر من شوية الناجين دول من الكواكب، لو ما كنتش بظهر كـ ست.
      
      اللورد جورم كان مبسوط باللي حصل في بلدات جاكو القليلة دي، ونصحني إني أهاجم باستيل.
      
      هو ما يقدرش بالظبط يقولي أعمل إيه دلوقتي، بس كان فيه حاجة غلط إني أخالف كلام الراجل اللي علّمني كل حاجة.
      
      بالرغم من إنه خدني وأنا كنت لسه طفلة، لكني كنت مبسوطة إنه عمل كده.
      
      لو كنت كبرت مع عيلة، كنت على الأغلب هـ أتعلم أحب.
      
      الحب ده نقطة ضعف.
      
      اللورد جورم علّمني إزاي أبقى شجاعة وما أخافش، وإزاي أحارب، وإزاي أكون مع القوة في الجانب المظلم.
      
      الجانب المظلم هيفضل دايماً أقوى، إحنا ما عندناش قيود.
      
      مهما أي حد قال؛ الحب والخير، ليهم حدود. إنما الكُره مالهوش حدود.
      
      السفينة هبطت في قطاع "مدينة إيلادرو".
      
      نزلت وظبطت قناعي، وبرنُسي، والعباية بتاعتي.
      
      كل جزء في جسمي كان متغطي، كله متدلدل باللون الأسود.
      
      صوتي اتغير من النبرة الخفيفة الناعمة النسائية، إلى صوت غامق وشبه ميكانيكي.
      
      السيف الأحمر بتاعي كان متعلق في حزام العباية.
      
      أشرت بإيدي عشان نتحرك لقدام.
      
      في خلال دقايق من دخول المدينة، صفارات الإنذار بدأت تصوت، والصرخات كانت مسموعة في كل حتة.
      
      رجالي بدأوا القتل، وأنا دخلت مبنى كبير، وجنود الظل كانوا ماشيين ورايا.
      
      "أكيد فيه سيناتور هنا، مش كده؟"
      
      صوتي طلع عالي وقوي.
      
      "مظبوط يا سيدي، فيه سيناتور اسمه أوليفكانز."
      
      هزيت راسي: "شوفوه. هاتوه لحد عندي، واجمعوا أكبر عدد من أهل البلد اللي تشوفوه ضروري عشان أوصل فكرة."
      
      "كام واحد يا سيدي؟" سألني.
      
      "اللي أنت عايزه." غمغمت.
      
      صفارة إنذار تانية بدأت تصوت، بس أنا ما اهتمتش.
      
      حسيت بوجود ناس كتير ورايا لما لفيت عشان أشوف جنود باستيل قدامي، رافعين أسلحتهم.
      
      كنت أسرع من البرق.
      
      السيف بتاعي بيقطع رقابهم التافهة دي، وبيصد محاولاتهم البائسة إنهم يضربوني بالنار.
      
      مش لجنة ترحيب ودودة خالص دي، مش كده؟
      
      "اللورد دراكون. السيناتور معانا. إحنا في الميدان."
      
      صوت النقيب وصلني عبر القناع.
      
      مشيت في طريقي، بخطواتي فوق الجثث المدمية، لحد ما وصلت للميدان.
      
      كان فيه ميتين شخص تقريباً، إيديهم فوق راسهم بيستسلموا.
      
      يا لهم من مساكين.
      
      شفت السيناتور أوليفكانز واقف بين اتنين من جنود الظل.
      
      كان راجل كبير، شعره أبيض، ووشه مليان تجاعيد.
      
      شكله كده ما يقدرش يستحمل خبطة من غير ما يقع على ركبه.
      
      طب يالا نشوف.
      
      "اللورد دراكون. ما فيش داعي تقتل الأبرياء دول. لو أنا اللي أنت جاي عشانه، يا ريت تاخدني. سيبهم."
      
      صوته طلع ضعيف ومجهد.
      
      ضحكت بصوت خفيف: "لأ، أنا عندي سبب كبير. سمعت إيه اللي حصل للناس في بلدات جاكو؟"
      
      إيديه اتهزت وهو هز راسه ببطء.
      
      "شوفت؟ سمعت عن اللي حصل ده، وهو ما عداش عليه غير يوم واحد. أنت خايف من اللي هيحصل، أنا حاسة بالخوف ده فيك كله. أنت عارف إن ما فيش حاجة تقدر تعملها بقوتك عشان تساعد الناس دي، وده اللي مخليك مرعوب." رفعت دقني.
      
      "الخوف هو مفتاح إطلاق القوة."
      
      باستخدام إيدي اللي لابسة الجوانتي، خبطت على وشه الخايف ده. حسيت بلحمه بيتمزع تحت مفاصل إيدي اللي لابسة الجوانتي.
      
      تأوه وهو بيقع على ركبه. الدم نزل من مناخيره، ووشه بدأ لونه يزرق.
      
      "أرجـ... أرجوك يا سيدي. على الأقل سيب الستات والأطفال." قعد يتأتئ، هو الراجل ده مش هيبطل رغي؟
      
      وقفت شوية، وضحكت ضحكة بسيطة.
      
      "أنت فاكر عشان دول ستات، يبقوا مختلفين في حاجة؟ إنهم ياخدوا معاملة مختلفة؟ لأ. يا نقيب، وجّه السلاح على أهل البلد دول، وهات السيناتور للأقفاص اللي في السفينة." مِلت براسي ناحيته وقلت: "يقدر يقعد مع سيناتور جاكو."
      
      سمعته بيعترض قبل ما ألوّح بإيدي، وغيَّبتُه عن الوعي (فقد الوعي).
      
      سمعت جنودي بيرفعوا أسلحتهم، وكانوا على وشك الضرب، لما حسيت بحاجة.
      
      بوجود زي وجودي بالظبط.
      
      وجود قوي في القوة، مظلم زيي بالظبط.
      
      بصيت لفوق في الوقت المناسب عشان أشوف سفينة بتطير بسرعة من فوقنا. سفينة تابعة للنظام الأول.
      
      لعنة، لعنة، لعنة.
      
      بصيت على النقيب.
      
      "خد السيناتور على السفينة وهات الفرقة الثالثة، أنا هفضل هنا مع الفرقة الأولى والتانية ونحارب النظام الأول." أمرت.
      
      هز راسه ليَّ، وجنود الفرقة الثالثة سحبوا السيناتور على السفينة في واحدة من سفن النقل.
      
      أخدت نَفَس وأنا بسمع صوتهم.
      
      كانوا قريبين.
      
      عددهم كان كتير جداً.
      
      كتير أوي.
      
      بصيت على نقيب الفرقة التانية.
      
      "ارجعوا تاني للأسطول، خدوا الأسير، واستنوا أوامري. مش هخلي رجالي يتذبحوا." حاول يقول حاجة بس سكتُّه. "امشي. دلوقتي!" زمجرت.
      
      حسيت إنه عايز يقاوم، ما كانش عايز يسيب المعركة.
      
      رفعت إيدي على خوذته من الشمال لليمين وقلت: "اعمل اللي بقولك عليه."
      
      (إقناع)
      
      هز راسه، والفرقة التانية مشيت بالسفن.
      
      بقيت أنا هنا بعشرين راجل بس، وشوية المدنيين اللي لسه عايشين، وعندي علم إن النظام الأول وصل هنا.
      
      أنا كده اتقطعت خالص.
      
      

      حبيب ثانوي - عشر سنوات من الحيرة واللقاء

      حبيب ثانوي

      بقلم,

      رومانسية

      مجانا

      حبيبها أوستن سابها واختفى فجأة قبل تخرجهم بعشر سنين، وهي لحد دلوقتي ما نسيتوش. بعد كل السنين دي، بتتصدم وبتقابله تاني وش لوش في مؤتمر شغل برة بلدها، بس المره دي باسم "ويليام" وشكله متغير. قلبها بينبض تاني بقوة، بس هي مصممة تعرف سر اختفائه ومين هو ده بالظبط دلوقتي. هو بقى خايف عليها منه، وعارف إن وجوده خطر على حياتها، بس خلاص القدر جمعهم تاني في مكان واحد.

      إيلي

      عندها ٢٨ سنة، شغلها كويس بس مش شاطرة في العلاقات. قلبها لسه متعلق بأوستن ومصممة تعرف الحقيقة ورا اختفائه الغامض.

      أوستن

      حبيب إيلي بتاع ثانوي اللي اختفى. عنده أسرار كتير، وشكله بقى "راجل" أكتر. بيحاول يبعد عنها عشان يحميها، بس ما قدرش ينساها.

      ليندا

      زميلة إيلي في الشغل، اجتماعية ومرحة، بتحب المغازلة دايماً، وبتخلي المؤتمرات المملة مسلية
      حبيب ثانوي - عشر سنوات من الحيرة واللقاء
      صورة الكاتب

      قبل تخرجها من ثانوي بأسبوع، باس حبيب إيلي "تصبحي على خير" ومشي، ومن وقتها محدش سمع عنه أي حاجة تاني. اختفى كأنه فص ملح وداب... لحد دلوقتي.
      
      إيلي، اللي عندها ٢٨ سنة، مش شاطرة أوي في العلاقات. بس عندها شغلانة كويسة، مكان حلو عايشة فيه، وقطة اسمها سلمى.
      
      كانت خلاص فقدت الأمل إنها تشوف أوستن تاني، بس عمرها ما نسيته.
      
      فتخيّلوا بقى مفاجأتها لما بتلاقيه قدامها وش لوش – في مؤتمر شغل برة بلدها – ولابس كارنيه مكتوب عليه "ويليام".
      
      بالرغم من إن قلبها اللي كان خامد نطّ من مكانه من الصدمة، وبالرغم من الانجذاب الفوري اللي بينهم، هي مصممة تفضل عاقلة ومتماسكة وتعرف مش بس ليه سابها، لأ، كمان مين هو ده بالظبط.
      
      ويليام عمره ما قدر ينسى حب حياته في ثانوي. مهما نقل من مكان، أو حاول يتغيّر، مفيش حد قدر ييجي جنبها أو يقارن بيها.
      
      كان متعود على حياته الوحدانية، ولما قابل إيلي تاني، اتصدم صدمة قوية. أدرك إنها مش بس هتبقى خطر على عقله، لأ، كمان على حياته. بس الأهم، إنه هو اللي هيبقى خطر عليها.
      
      هو عارف إنه لازم يحافظ على أمانها، وأحسن طريقة يعمل بيها ده هي إنه يفضل بعيد عنها أوي أوي.
      
      "يا سلام، فيه رجالة شكلها حلو كتير هنا بجد،" قالت ليندا وهي بتعلّق، وابتسمت بإعجاب وهي بتبص لراجل وسيم عدينا من جنبه وإحنا رايحين الترابيزة. "أنا حاسة إني ممكن أنبسط فعلاً في المؤتمر ده."
      
      ضحكت، عشان ده طبع ليندا بالظبط. إحنا مش شغالين مع بعض بقالنا كتير، أقل من سنة في الحقيقة، بس أنا خلاص عرفت إنها بتحب تلعب وتغازل واجتماعية أوي. إننا نحضر مؤتمرات ربع سنوية مملة ده جزء من شغلنا، بس ليندا في العادة بتخليهم أحلى بكتير.
      
      "زي ده كده،" قالت ليندا وشاورت بدماغها على راجل طويل وجسمه رياضي لابس بنطلون كاكي وقميص زرار. "أنا مش هيمانع أقضي شوية وقت معاه."
      
      "أمممم، معاكي حق،" وافقت. هو وسيم بالنوع اللي هو "أنا بروح الجيم وبشيل حاجات تقيلة أوي." بس مش النوع اللي يعجبني أوي بصراحة.
      
      "أو إيه رأيك في ده؟" سألت ومسكت دراعي، وهي بتشاور بإيدها التانية على مجموعة في آخر القاعة.
      
      "أنهي واحد؟" سألت، عشان كان فيه تلات رجالة هناك، والاتنين اللي كنت شايفاهم كويس معجبونيش برضه. الراجل التالت ده بقى، كان فيه أمل، بس أنا ما كنتش شايفاه غير من ضهره. كان طويل وجسمه رياضي وشعره الغامق قصير ومموج. لو مؤخرته دي بتدل على حاجة شكله من قدام، يبقى هو أكيد حاجة تستاهل الواحد يتفرج عليها.
      
      "اللي لابس قميص أزرق."
      
      يبقى هو ده الراجل بتاع المؤخرة الحلوة. بصيت عليه شوية كمان، بس هو مَا لفش، بالرغم من إني كنت عمالة أقول له في سري يلف. كان شكله بيسمع للست اللي في المجموعة دي وهي بتتكلم في أي حاجة.
      
      "أهلاً بيكم،" قالت ليندا، وأنا لفيت بصعوبة عشان أشوفها وهي بتسلّم على اتنين ستات كانوا قاعدين بالفعل على ترابيزة.
      
      "مساء الخير،" ردت واحدة فيهم، والتانية اكتفت بابتسامة مؤدبة. أنا هزيت راسي بسرعة بـ "أهلاً."
      
      "بقولك إيه،" كملت ليندا، ورجعت تركز معايا تاني، "ده هيبقى أحسن مؤتمر حضرناه لحد دلوقتي."
      
      "يارب تكوني صح." أنا كنت متأكدة إنهم مش ممكن يكونوا أكتر مللاً من آخر واحد حضرناه.
      
      ليندا رجعت لي وضحكت بـابتسامة واسعة. "جيري قال إن البار اللي ورا الركن هنا تحفة. لازم نروح بعد ما المؤتمر يخلص. يمكن كام واحد من الصاروخين اللي هنا ييجوا معانا."
      
      "تمام."
      
      جيري ده واحد من مندوبين المبيعات في المكتب عندنا. هو بيحب البيرة المعمولة يدوي أوي ويفضلها عن الأنواع المشهورة. رحت معاه كذا مرة لتجمعات بعد الشغل، والأماكن اللي بيختارها في العادة بتبقى ممتعة.
      
      "ساعات بيكون فيه فرقة محلية بتعزف، بس مش متأكدة لو ده بس في الويك إند ولا لأ. هنعرف بقى. و..."
      
      كنت بسمع ليندا بنص ودن وهي عمالة ترغي عن كل الضحك واللعب اللي هنعمله في المؤتمر اللي هيقعد تلات أيام ده، وأنا لسة عمالة أتفحص المكان. كنا في قاعة استقبال في فندق في وسط مدينة سانت لويس، والقاعة كانت مليانة زحمة - معظمهم ناس في سن متوسط وشغالين شغل كويس، بس فيه شوية صغيرين في السن زينا – كلهم لابسين لبس شغل مريح. مش إننا صغيرين أوي يعني. أنا لسة مكملة تمانية وعشرين وليندا قربت توصل للتلاتين.
      
      "فاكرة قد إيه كان المؤتمر بتاع فيجاس مُتعة؟" سألت ليندا أول ما وصلنا للترابيزة بتاعتنا وشدّينا الكراسي اللي ورا عشان نبقى وشنا للمسرح. أنا علّقت شنطتي على ظهر الكرسي، بينما ليندا حطت شنطتها على الترابيزة. وبعدين بدأت تزق قزايز المية، والمنشورات، والأقلام اللي كانت محطوطة بشكل مثالي قدام كل واحد من الكراسي العشرة، وترميهم على الجنب. الفوضى اللي عملتها دي ما ضايقتهاش خالص. كأنها ما خدتش بالها حتى، لكن أنا عشان بحب الترتيب، بدأت أعيد ترتيب المنشور والقلم اللي قدامها.
      
      
      
      
      
      
      "أنا ما كنتش موجودة في المؤتمر ده،" رديت عليها، وفي نفس اللحظة هي قالت لي: "سيبك بقى."
      
      ليندا مسكت إزازة المية وفكت الغطا.
      
      "آه." حواجبها المترتبة أوي كشرت لثواني. "كنت حَلْفَة إنك كنتي معانا."
      
      "لأ، أنا بدأت الشغل السنة اللي بعدها. أول مؤتمر حضرته لشركة بيولوچين كان في سياتل."
      
      كشرت وشها. "ده كان ممل. مطر كتير وناس بتقدم العروض دمها تقيل أوي."
      
      ضحكت تاني بخفة. عندها حق. كان ممل بشكل مش طبيعي، ومكنش فيه معلومات كتير. أنا كنت لسه بادئة في الشركة من شهر تقريباً وقتها، وفكرت لو كنت عملت الاختيار الصح بعد المؤتمر ده. أبويا شجعني إني أدي لنفسي وقت، وأنا مبسوطة إني عملت كده. مش إني مش بحب شغلي، ولا الشركة عمومًا. هي بس المؤتمرات اللي كانت مملة، مع إن آخر واحد حضرناه في أورلاندو كان مفيد أكتر ومريح شوية.
      
      "سمعت إن نائب رئيس المبيعات الجديد شاطر أوي،" قلت لها.
      
      "يا رب يكون كده. ده الموضوع بقى زي الباب الدوار. يا رب ده يعرف يستحمل الضغط من غير تغييرات كتير."
      
      أنا كنت واحدة من التغييرات اللي عملتها نائبة الرئيس اللي فاتت. هي اللي وظفتني أنا وكام واحد تاني كجزء من خطتها لتوسيع قسم المبيعات، بس ما تعبتش نفسي إني أقول المعلومة دي لليندا. هي عارفة أصلاً.
      
      سندت بضهري على الكرسي وبصيت على المسرح. كان متجهز عشان الخطاب الافتتاحي اللي رئيس الشركة هيقوله، وده هييجي بعديه رؤساء الأقسام، ومن ضمنهم نائب رئيس المبيعات الجديد. كنت عايزة أشوف هيقول إيه وإزاي تركيزه هيبقى مختلف عن اللي كنا بنعمله. بس في نفس الوقت، كنت تعبانة وعايزة الجلسة الافتتاحية دي كلها تخلص وبس. كانت الساعة أربعة العصر، واليوم كان طويل أصلاً. اشتغلت الصبح وبعدين سافرت من چورچيا لسانت لويس.
      
      مين ده اللي فكر إنها فكرة كويسة إننا نبدأ اليوم باجتماع متأخر كده أصلاً؟
      
      "أهلاً يا ستات،" قال آدم، وهو مدير مبيعات من مكتبنا في چاكسونڤيل، فلوريدا، وهو بيشد الكرسي وقعد جنبي.
      
      "إزيك يا آدم، عامل إيه؟" سألته. اضطرينا نتعاون كذا مرة في الكام شهر اللي فاتوا وأنا بحبه. هو راجل في أواخر الخمسينات، فاهم شغله ومش بتاع لف ودوران، واستمتعت بالشغل معاه.
      
      "تمام. أنا مستني بفارغ الصبر ساعة الكوكتيلات اللي المفروض هتبدأ بعد..." وقف وبص على الساعة اللامعة اللي في إيده، "ساعة ونص."
      
      "يا رب الساعة دي تيجي بسرعة،" وافقت ليندا.
      
      لفيت عيني، والراجل اللي قعد جنب آدم ضحك ضحكة مكتومة.
      
      على العموم، الجلسة الافتتاحية مكنتش وحشة أوي. نائب رئيس قسم المبيعات استعرض النتائج لحد دلوقتي وإيه المتوقع مننا بعد كده. كان فيه كام تغيير بسيط عايز يطبقه، وبشكل عام، كانوا منطقيين جداً. بالنسبالي على الأقل. يمكن نائب الرئيس ده يثبت في منصبه شوية.
      
      "أخيراً،" اتنهد آدم لما طلبوا مننا نعدي الصالة. قاعة الاستقبال "ب" كانت متجهزة لساعة كوكتيلات، وبعدها هيبقى فيه عشا بوفيه مفتوح.
      
      ليندا قامت وزقت الكرسي لورا. "يلا نلحق نشرب كام بيرة دلوقتي مادام لسه ببلاش."
      
      "عجبني تفكيرها." آدم ضحك وزق دراعي بكوعه.
      
      "يا ريت تستنى لحد ما تقولك على بقية الخطة دي،" قلت له وزقيت الكرسي لورا عشان أقف.
      
      "إيه هي بقى؟"
      
      "إحنا رايحين بار معين،" بدأت ليندا، وأسرعت عشان تروح جنبه وتقول له كل التفاصيل. وده بالظبط اللي عملته. كانت بتتكلم بحماس وإيديها في الهوا وهي وآدم بيقودوا الطريق لساعة الكوكتيلات.
      
      "هي دايماً كده؟" سأل واحد من الشباب اللي شغالين مع آدم في مكتبه.
      
      "على حد علمي، آه."
      
      بالطريقة اللي ليندا متعودة عليها، خلت كل اللي قاعدين على ترابيزتنا، واللي كانوا من مكتبي چورچيا ومكتب آدم في فلوريدا، متحمسين للبار في ثواني. فضلت تتكلم عنه بحماس وإحنا بنشرب كام مشروب، وأنا رجعت أتعجب وأتخض شوية من قدرتها على الإقناع. مش غريبة أبداً إنها تكون في الأوائل في مبيعات الأدوية.
      
      على الوقت اللي أعلنوا فيه إن العشا بقى جاهز، كنت أنا روقت ومستعدة فعلاً إننا نخرج بليل.
      
      خلصت آخر قطرة من تاني بيرة شربتها وحطيت الإزازة على ترابيزة الكوكتيل.
      
      "يلا يا إيلي،" حثتني ليندا. "مش عايزين نبقى آخر ناس بتطلع. مش هنلاقي أكل."
      
      "أنا وراكي على طول. سبقيني."
      
      "أنا كمان،" أضاف آدم. "مش عايزين نفوّت البار الرهيب ده."
      
      "كلام سليم أوي،" وافقت ليندا.
      
      أنا ضحكت بس. كنت متأكدة إننا هنتبسط في أي مكان هنروحه، بس دي كانت ليلة أربع يعني نص الأسبوع. مش أحلى ليلة الواحد يسهر فيها في بار.
      
      "المكان ده أكيد حاجة جامدة أوي،" علّق آل، وهو واحد من مندوبين مبيعات آدم، وده خلاني أضحك بصوت أعلى. لحد دلوقتي، ليندا كان عندها حق. المؤتمر ده شكله هيبقى أحسن مؤتمر لحد دلوقتي.
      
      كنت لسة ببتسم لما لمحت الراجل بتاع المؤخرة الحلوة بتاع بدري. بس المرة دي، كنت شايفاه من الجنب، وده برضه ما خيبش ظني. القميص الأزرق كان مغطي صدر عريض، وكان مدخله جوه بنطلون غامق وحاطط حزام على وسطه الرفيع. كان فيه حاجة فيه شدّت انتباهي وخلتني صعبة أوي إني ما أبصش بعيد. هو وسيم، وسيم أوي، بس ده لوحده مش بيخليني في العادة أبص بتركيز كده زي ما عملت. الموضوع أكبر من كده. هو فكرني بحد.
      
      وبعدين لف، وبقى وشه ناحيتي، وكنت هقع. ليندا وآل قالوا حاجة، بس أنا مش فاكرة قالوا إيه. الراجل ده جسمه حلو بشكل خرافي. أو المفروض أقول رجل. هو أكيد بقى راجل. شعره الغامق والمموج كان مترجع لورا عن وشه اللي باين عليه إنه رجولي أوي. فك مربع، مناخير رومانية مستقيمة، وعضم خد عالي مع جبهة عريضة وحواجب مرسومة... كامِل بالمعنى. بس مش ده اللي خلاني ألهث كده.
      
      أنا عارفة العيون دي. بعد ما بصيت كويس على كارنيه الاسم اللي على صدره، تأكدت إنه مكتوب عليه "ويليام"، بس أنا عارفة إن ده مش اسمه. هو كبر في السن طبعاً. إحنا الاتنين كبرنا. عشر سنين بالظبط. شعره أغمق ووشه بقى أكثر حدة. مابقاش فيه أي حاجة صبيانية أو مدورة في تعبيرات وشه. المناخير شكلها اختلف شوية برضه، يمكن بقت مستقيمة أكتر... بس هي العيون دي، واسعة ومُكفهرة وغامقة... غامقة أوي، بس فيها نفس لون الكراميل الناعم اللي على أصفر حوالين القزحية.
      
      أنا غرقت في العيون دي... كتير أوي.
      
      بعد ثانية، رفع عينه، وعيونا جت في عين بعض. كان زي تيار كهربا ضربني في قلبي بالظبط.
      
      نفسي اتحبس في حلقي ووقفت فجأة، وده خلى الشخص اللي ورايا يخبط في ضهري. بس أنا تقريباً ما حستش بأي حاجة، عشان قدامي بالظبط – على بعد أقل من تلاتة متر – بكارنيه اسم مزيف، كان أوستن. حبيبي بتاع ثانوي. اللي اختفى من على وش الأرض قبل أسبوع من تخرجنا من ثانوي من غير ولا كلمة. ومحدش سمع عنه أي حاجة تاني.
      
      مش متأكدة لو طلعت صوت ولا لأ، بس أكيد عملت كده عشان ليندا مسكت دراعي وسألتني مالك. أنا حتى ما افتكرش إني رديت عليها.
      
      عيون أوستن، أو ويليام، أو زفت الطين اللي يكون اسمه، وسعت، كأنه عرفني، وبعدين، بعد ثانية، كان اختفى. ابتلعته الزحمة وهي في طريقها للبوفيه كأنهم حيوانات في صحرا شافوا مصدر مية.
      
      رد فعلي كان متأخر شوية، بس بعد كده انطلقت أجري. الغضب كان بيغلي في عروقي وأنا بجري وبزق نفسي في وسط الزحمة كأني في حفلة روك صاخبة مش مؤتمر مبيعات أدوية. أنا حتى ما اهتمتش لشكاوى الناس اللي زقيتهم على الجنب. كان عندي هدف واحد في دماغي؛ إني أعرف إيه اللي حصل بالظبط، وليه سابني من غير ولا كلمة.
      
      
      

      Pages